|


-
أفواه وأرانب!
-
2018-01-14

 

 

بعد خمسة عشر عامًا عرف فيها نادي الاتحاد ما لم يعرفه في تاريخه من انتصارات، وشعبية تجاوزت محيطه الخليجي، دارت الأيام وأصبح هذا البيت العريق يواجه "الفقر" في زمن الاحتراف الذي لا يعترف إلا بالأغنياء.. حاول الاتحاديون ـ رغم المصاعب ـ إعادة ناديهم إلى الحياة مجددًا، ونجحوا في قيادة الفريق إلى لقب بطل الشتاء خلال الموسم الماضي، غير أن هناك من استكثر هذه الفرحة عليه، وسعى لحسم ثلاث نقاط من رصيد الفريق ليعيده إلى حال النكسة، وكأن الفنان عبد الوارث عسر يقصد الاتحاد، حين قال في أحد أفلامه: إن "الكعكة بيد اليتيم عجبة"!.

 

الصراع "الرهيب" الذي دار بين معسكري "المطانيخ" و"العتارسة" خلال خمس سنوات، لم يترك ولم يذر، بعدما استخدم الفرقاء سياسة الأرض المحروقة، وفعلوا بهذا النادي العريق ما عجزت الهيئات الرقابية والنيابية عن حل طلاسمه حتى الآن.. اختفى الاتحاد تحت أنقاض هذا الصراع، ولم يعد قادرًا على إثراء المنافسات المحلية؛ بسبب تأثير العقوبات، وحين يخرج هذا النادي بجماهيره من حسابات المنافسة، يصبح الحديث عن رفع مستوى مباريات الدوري المحلي مجرد أمنيات تحتاج إلى إعادة نظر، خاصة أن الأرقام والإحصاءات تبرهن الإضافة حين يحضر الاتحاد، وتظهر بحسابات التخصيص والاستثمار هبوط القيمة السوقية لموسم البطولات المحلية حين يغيب.

 

أنصار الاتحاد تابعوا على طريقة الفيلم المصري "أفواه وأرانب" أخبار حصول الجيران في الأهلي على دعم من هيئة الرياضة بنحو مئة مليون ريال، والتعاقد مع مهاجم مميز لسد النقص في خط الهجوم، فضلاً عن إيقاف تنفيذ عقوبات أهمها الهبوط إلى الدرجة الأولى وشطب القائد وتغريم الحارس؛ ما يعني مكافأة الأهلي بدلاً من معاقبته على العبث بكرة القدم السعودية.. انتهى توزيع الهدايا ولم يحصل الاتحاد على ربع الدعم، ولم ترفع عنه العقوبات الدولية، ولم يستفد على الأقل من مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد"، بعد تعطيل الأحكام الصادرة ضد الأهلي!.

 

وبعيدًا عن الدعوات الرومانسية ومسيرات الروح الرياضية، وبما أن المشجع البسيط بات محترفًا في دعم ناديه، أصبح من الصعب على المشجع الاتحادي تحديدًا أن "يهضم" الاستثناءات وتغيير اللوائح لتجنيب الأهلي العقوبة المدنية أو الإدارية، خاصة أن تطبيق العقوبات بحق النادي المدان وهبوطه إلى الدرجة الأولى، يعني بالضرورة فائدة لمنافسه الأول، فضلاً عن أن "غلطة الشاطر" تعني أيضًا حصول الاتحاد على حصة الأهلي من الدعم الحكومي وعقود الرعاية.

 

ليس تطرفًا المطالبة بتنفيذ العقوبات الصادرة ضد الأهلي، خاصة أن الحُكم يتضمن حقًّا عامًّا لا يسقط بمجلس صلح، وليس تعصبًا أن يتمنى مشجعو الاتحاد دخول جيرانهم إلى دوامة الأزمات التي مازالت تضع ناديهم بعد الأهلي بمراحل. وليس جديدًا أن تدفع الأندية الكبيرة فاتورة تجاوزاتها حتى لو كانت بشعبية يوفنتوس ومرسيليا، لاعتبار أن المرحلة المقبلة التي رسم رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ ملامحها، تتطلب تطبيق القانون على الجميع دون استثناء أو محاباة؛ تمهيدًا لإيقاف العبث ومحاربة أنواع فتاكة من الفساد على نحو الاختلاس، والاحتيال، والمجاملة، والواسطة، والتزوير، وهذا إنجاز إن تحقق سيمنح الرياضة السعودية مستقبلاً مشرقًا وأجيالاً من الشبان الذين يدركون أهمية القانون وفائدته في حماية حقوقهم، وتسهيل مهمتهم في الحياة عمومًا.