|


د. محمد باجنيد
أين الجودة والفكر الإداري؟
2012-01-27
إذا رأيت أحداً يتكلم عن (الجودة) عندنا فاسأله أن يدلك على مظاهرها.. أمثلة حية تقول إنها واقع ملموس لا (خرافة) نرددها.
أين الجودة في هذه المشاريع التي يعاد تنفيذها مرات ومرات؟.. أين الجودة والمؤسسات التعليمية ما زالت تردد كلاماً قديماً؟.. دلوني على الجودة وهذه المعاناة مستمرة في المطارات.
أين الجودة ونحن ما زلنا (نغرق في شبر ماء) وفي أوروبا مثلاً ينزل المطر بشكل متواصل ولا ترى له أثراً في الشوارع حتى الجليد وجدوا له حلاً فأذابوه وأزالوه.
إنني أدعو المتحدثين المنظرين في الجودة بأن يبحثوا عن أمثلة لها.. ساهمت جهودهم في إظهارها على أرض الواقع.. أريدهم أن يضعوا لنا نموذجاً قابلاً للتطبيق وألا يكون ما يقدمونه مجرد تعريفات وتعليمات منشورة في تقارير بحثية نمطية مكررة تدعي أنها تقدم (فكراً إدارياً) إبداعياً وهي في حقيقة الأمر ظلت منذ زمن طويل تردد ألفاظاً رنانة لمفاهيم تحتاج إلى تحليل ودخول في أدق التفاصيل حتى يفهمها العامل البسيط قبل (المدير الكبير) ويسقطانها على أرض الواقع.
ما زلت أعتقد أننا نغرق في (الشكلية) ونظن أن بإمكان (الجودة) ـ هذا اللفظ الرنان ـ أن يخدع الناس كما يفعل (خيال المآتة).. ذلك الرجل الخشبي الوهمي الذي يضعه الفلاح في الحقل ليرهب الطيور ويحمي المحصول. إن الطموح الذي يتطلع إليه الناس في (زمن الوعي) قد أسقط ذلك التمثال وأصحابه من أدعياء (الفكر الإداري).. وظهرت الحاجة والمكانة العالية للمتخصصين في الإدارة المكتبية المعنيين بتبسيط الإجراءات ووضع النقاط على الحروف.. وتقديم ما هو مألوف.. والذين ـ رغم أن عددهم في بلادنا لم يتجاوز المئتين ـ قد نجحوا في تحقيق الجودة قولاً وفعلاً.. والأدلة كثيرة نراها في هذا التحول الكبير في الاتصالات الإدارية والأرشفة الإلكترونية وإنجاز الأعمال ومتابعتها عبر (الشبكة العنكبوتية).. وتلك الجودة العالية لدارسي (السكرتارية التنفيذية) الذين باتوا اليوم مطلباً لمؤسسات الأعمال الخاصة قبل العامة.. باختصار يمكن أن نقول إن التعثر الواضح في التنمية ـ رغم التطور الكبير الذي تشهده الأعمال المكتبية ـ يكشف عن (فكر إداري) جامد يركن إلى التنظير ولا يلامس الواقع.. إنه (هذيان) والدليل أنه ظل بعيداً عن التطوير والتجديد رغم تغير الأحوال.