|


أحمد الحامد⁩
شيء من حياة
2018-06-12
قلوب المحبة تنتصر دائمًا، حتى وإن بدت وكأنها محطمة، هي تنتصر لا محالة؛ لأنها تعطي أكثر مما تأخذ، تتحمل أكثر مما تحمِّل، تصبر أكثر مما يصبر عليها، تستمع أكثر مما يسمع إليها، إنها القلوب التي تقود الحياة وتصنع التوازن في الأيام، هكذا قال التاريخ والحاضر لنا: المجد للعطاء، للكرماء، للمتسامحين، للمتقبلين، للشجعان الحاسمين للمواقف لصالح النبل، هكذا تنتصر القلوب،
أقدار هذه القلوب أن الكثيرين من المحيطين بها عادة لا يملكون القدرة على فهمها جيداً؛ لأنها مختلفة، تجدهم يلومونها على تصرفاتها كثيراً؛ لأنها قلوب معطاءة، وصفت بعض القلوب بالجنون لأنها خارجة عن السرب المعتاد، وهذا سر من أسرار تميزها، هكذا تصبح ملاجئ للمحيطين وعنوانًا للكرم وشجاعة المواقف، انتصر حاتم نصراً تاريخياً متكررًا، كأنه جيش ينتصر كل يوم، القلوب الرحيمة حدائق يجتمع بها كل مُتعب، مزدحمة بالناس، إنها تعطي عطاء غريبًا مدهشًا، يحقق معادلة لا علاقة لها بعلوم الرياضيات، قلوب تعطي لكنها تأخذ، تأخذ الحب وإن تأخر، تأخذ العرفان وإن صاحبه جحود، لا تهم كل الشوائب والعقبات، القلوب الطيبة تمارس طيبتها رغماً عنها، لا تتصنع بل هي خلقت على هذه السيرة، أجمل ما في الحياة أن يعيش الإنسان بثوابت الحياة والقيم النبيلة، والناجحون أخيراً هم الذين لم يتنازلوا لكل تأثيرات الضغوط ومسببات التغير نحو الأفول، من حولنا شخصيات بمواصفات نجوم على الأرض، قد تكون أنت وقد يكون أحدهم من حولك، هؤلاء يحتاجون منا أن نشعرهم بجمالهم وحجم قدرتهم وحتى تفوقهم، يحتاجون منا التقدير وهم أحياء، معرفة قيمتهم بعد رحيلهم فيه ظلم كبير لهم، وكشف بعدم معرفتنا وتقييمنا للآخرين وهذا جهل، اعترافنا بتميزهم جمال منا، واحترام لأنفسنا، هكذا هي الحياة وهكذا هم البشر مختلفون، تميز الآخر لا يعني ضعفك أبداً، اعترافك بتميزه في أمر ما ميزة تحسب لك، الخير والحب هو المنتصر لا محالة، وإن تلبدت الغيوم طويلاً هي راحلة، من يبقى جميلاً هو الأثر الطيب، هكذا قال لنا التاريخ، وهكذا يقول لنا الحاضر.