|


عبدالرحمن الجماز
المنتخب السعودية.. ضحية من؟
2018-06-19
ردة الفعل الجماهيرية والإعلامية التي أعقبت الخسارة الخماسية التي تلقاها المنتخب السعودي الأول لكرة القدم من نظيره الروسي في افتتاح مونديال 2018، كشفت بوضوح خللاً واضحًا في فهم الواقع والانسياق حول أماني وأحلام ليست موجودة أصلاً.

صحيح أن أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع الخسارة بتلك الخماسية وفي الافتتاح، ولكنها تظل واردة جدًّا في عالم الكرة، وسواء كانت الهزيمة بواحد أو خمسة أو حتى بنصف درزن؛ فالأمر لا يختلف كثيرًا؛ فالمرارة واحدة، هكذا أتصور.

ومن الطبيعي جدًّا أن تنساق الجماهير العاطفية خلف أحلامها، وتتوقع أن يفوز المنتخب السعودي أمام البلد المضيف وفي تظاهرة عالمية مثل كأس العالم، ولكنه يظل أمرًا لافتًا ومثيرًا للسخرية، أيضًا حينما تجد مثل هذه التوقعات والأحلام تتبناها مجموعة من المحسوبين على الإعلام. الأمر هنا مختلف تمامًا، ويعكس حجم الأخطاء المرتكبة بحق المتلقي أولاً والمنتخب السعودي ثانيًا.

كل هذا ليس دفاعًا عن المستويات المهزوزة التي ظهر بها لاعبو الأخضر في مواجهتهم الأولى أمام الروس، وإنما من الظلم تحميلهم فوق طاقتهم ومطالبتهم بما لا يستطعيون فعله "هذا ليس من العدل تمامًا".

وفيه إجحاف ومحاولة للقفز على الحقيقة التي ذهبت أدراج الرياح مع الأسف الشديد بفعل جمهور ينساق وراء عاطفته وبعض إعلام يصدح في كل المنابر بأحلام وآراء "مصيفة" لم ينزل الله بها من سلطان.

الآن وبعد امتصاص الصدمة، ونحن على بعد ساعات فقط تفصلنا عن مواجهة الأوروجواي، أجد المشهد نفسه يتكرر بنفس الوجوه، تتعطل فيه لغة المنطق والعقل وتعود الأحلام والأوهام من جديد.. المنتخب السعودي سيهزم منتخب الأوروجواي اليوم في روسيا "هكذا هم يقولون".

وبالطبع لا أحد يستطيع أن يصادر الأحلام وهي حق أصيل ومشروع لكل شخص ولكل فريق، ولكن من الضرورة أن تكون في حدود المعقول وأن تفهم واقعك؛ فمن المستحيل أن تصنع من "الفسيخ شربات" على قولة أهلنا وحبايبنا في مصر.

عمومًا، لا أتوقع انفراجًا كبيرًا في أزمة المنتخب السعودي المتكررة في كأس العالم، حتى إن تحسنت أحواله اليوم. وتظل طموحاتنا وأحلامنا منصبة تمامًا على المشاركة المشرفة وحدها ولا شيء غيرها. ومن المفترض أن تكون هذه اللغة السائدة على الأقل خلال السنوات المقبلة، إلى أن تتبنى هيئة الرياضة مشروعها الضخم وتنجح بالفعل في تحديث جذري لفكر وطموحات اللاعب السعودي، وتصحح من مفاهيم الاحتراف المحلي. بعدها لكل حاديث حديث.

بقي أن أشير إلى أنه من المهم جدًّا أن "نحلم قد واقعنا".