|


أحمد الحامد
سعد «دكاتره»
2018-07-25
في تمثيلية تلفزيونية بعنوان "سعد دكاتره" قدم الممثل الراحل بكر الشدي دوراً لامس فيه المثل الشعبي "سبع صنايع والبخت ضايع"، وفي مراجعة حقيقية لهذا المثل نجد أنه غالباً غير صحيح، لا يوجد أحد يجيد سبع صنايع بصورة محترفة في وقت واحد، كما أن من يجيد صنعة بمعنى الإجادة لن يبقى "بخته ضائعا" دائماً على المستوى المهني على أقل تقدير.

قد يستطيع الإنسان ممارسة "الصنايع السبع" ولكن بأداء سيئ! لأنه لن يتميز في واحدة منها طالما لم يركز على تخصص معين حتى يبرع به ويكون متميزاً جداً، قد يكون الإنسان متعدد المواهب لكنه يجيد شيئاً ما بصورة أفضل، وهنا يجب أن يتخصص ويتطور.

دور بكر الشدي ـ رحمه الله ـ كان عن طالب سافر إلى أمريكا ودرس ما مجموعه سبعة أعوام، لكنه لم يتخصص في شيء واحد، بمعنى أنه يدرس عامين أو عاما واحدا في مجالات مختلفة ولم يكمل الجامعة في مجال واحد، كان يدرس القانون عاما أو عامين وينتقل إلى الهندسة ولا يكملها، وهكذا في باقي التخصصات، كان يعرف عن تخصص ما لكنه لا يعرف كل شيء عنه، لذلك كان يفشل في كل مشروع يسند إليه على الرغم من أعوام دراساته الطويلة التي تناثرت على عدة تخصصات، كان اسمه في تلك الحلقة "سعد دكاتره" على الرغم من أنه لم يحصل على الدكتوراه في أي تخصص!
سعد دكاتره شخصية موجودة بيننا، وهي مثيرة ومدهشة في الكلام وتستعرض معلوماتها التي حفظتها لكنها لا تتميز بعمل معين، ولا تجيد إنتاج ما هو ناجح ومثير للتقدير، لأنها لم تتعلم بالصورة الكافية، ولأنها لا تمتلك المقدرة وغير مطلعة على كافة التفاصيل، ولم تمارس تجاربها العملية على أرض الواقع، أن يعمل الإنسان عملاً لا يجيده مسألة مضرة له ولمستقبله وللآخرين الذين يتعاملون معه، الكثير من الناس تورطوا في مشاريع لم يدرسوها جيداً وغابت عنهم تفاصيلها المهمة.

أحياناً أقف احتراماً لشخص أجاد عمله بصورة ماهرة، فأجد نفسي معجباً به وأضعه في عقلي داخل إطارٍ متميز، عادة يكون هذا الشخص لا يجيد عمل شيء آخر سوى ما تخصص به، ودائماً يكسب احترام الآخرين عندما يرفض القيام بعمل خارج اختصاصه حتى لو كان له مكسب مالي من ذلك، هو شخص يحترم نفسه فاحترم تخصصه ووقف عنده، فنال احترام الجميع على الصعيد المهني.

أحياناً يدفع الشخص مبلغاً مالياً لشركة أو مؤسسة أو لفرد ولا يأخذ مقابل ما دفعه العمل المطلوب بصورة صحيحة.. هنا تجد "سعد دكاتره" هو من يدير العمل!.