|


رياض المسلم
ليلة رموز الفن.. والنقطة العمياء
2023-04-28
وجهت الهيئة العامة للترفيه و”روتانا” بوصلة الطرب إلى نقطة بعيدة أشبه بـ”العمياء” التي لا يراها قائد المركبة، فاختارتا أن تذهب إلى ملاذ طربي يسكنه رموز في الفن الشعبي رحلوا بصمت، ولم يتوقع أبناؤهم وأحفادهم أن يحتفى بهم يومًا وتعاد ذكراهم أمام الجيل الحالي، لكن فكرة التكريم ازاحت تبر الذهب الذي أحاط بتاريخهم، فكانت فكرة رائدة من صناعها..
بشير حمد شنان، وعيسى الأحسائي، وفهد بن سعيد، وحمد الطيار، أسماء أثرت الساحة الفنية السعودية والخليجية منذ الخمسينيات الميلادية بأعمال خالدة، لكنهم اختاروا طريق الفن البسيط والشعبي بعيدًا عن الحفلات الرسمية والكبرى، وحقيبة فنهم كانت مليئة بالطرب الأصيل.
الترفيه وروتانا حركتا أشجان عشاق طرب ذاك الزمان ممن باتوا في سن الأجداد الآن وقصدوا مسرح محمد عبده، والكثير منهم يدلفه للمرة الأولى، وصورة الابتسامة مرتسمة على محياهم وعيناهم غارقتان في الدموع بعد عرض التقارير الوثائقية لرموز الفن السعودي وإطلالة النجوم المستحضرين ذكراهم وهم خالد عبد الرحمن، والكبيسي، وعايض، والطلاسي ويشكرون على الإتقان الطربي.
في عام 2019، كتبت مقالًا يجمل عنوان ليلة “بشير شنان”، وتمنيت حينها أن تقام ليلة لهذا الفنان العبقري إلى جانبه رفيق دربه فهد بن سعيد وكنت واثقًا من المسؤولين في الهيئة على رأسهم المستشار تركي آل الشيخ أنه لن يفوتهم مثل هذا النوع من الاحتفاء، وحدث ذلك فكانت ليلة مغلفة بأوتار الطرب والتقدير.
يستحق بشير شنان أو “أبو حمد” كما لقبه عشاقه ممن ملؤوا حوائط المدارس بكتابة اسمه وأغانيه حتى بعد رحيله بأعوام طويلة التكريم، وهو من غادر الدنيا بعمر لم يتجاوز الـ27 عامًا، ويعد ظاهرة لم يعرف فك شفرة طلاسمها كلغز رحيله، وكذلك عيسى الأحسائي الذي هو الآخر رحل في ريعان شبابه، وقبل بلوغ سن الحكمة، وغادر عن عمر 37 عامًا، وهو من اختصر الزمن وكأنه عاش إلى السبعين، فكان فتى الشرقية داهية ذاك الزمان الفنية وكل الأزمنة.
وأيضًا النجم الكبير فهد بن سعيد أو “وحيد الجزيرة” الذي ملأ الأرض طربًا، والسماء نجومية هو الآخر سعدنا بتكريمه وهو من الأسماء التي يصعب تكرارها في الفن الشعبي وأيقونته الخالدة، فلم يرحل مثل منافسيه باكرًا لكنه قرر التنحي والعزلة، واستمرت أعوام عطائه 25 عامًا. والراحل النجم حمد الطيار، لا يقل شأنًا عن سابقيه، وهو من رحل في عام 2009.
نحمد الله بأننا في وطن غالٍ لا ينسى أبناءه ممن قدموا منجزات خالدة، فلكل مجتهد نصيب من الحفاوة والتكريم.