|


محمد المسحل
الشباب.. ورأس المال
2024-05-03
عام 96م، كنت في رحلة عملٍ، لتفقُّد عمليات تصنيع أجزاءٍ لأحد المصانع، التي كانت جهة العمل التي أعمل بها وقَّعت عقدَ شرائه. خلال الرحلة، زرت معاملَ ومصانعَ في دولٍ أوروبيةٍ عدة، كلٌّ منها يتخصَّص في تصنيع جزءٍ من مصنعنا المذكور، وفي زيارتي لأحدها، لاحظت وجود غرفةٍ شبيهةٍ بالمختبر، يعمل بها مجموعةٌ من الصبية بأعمار بين 12 و14 عامًا تقريبًا.
عند انتهاء الزيارة، وفي طريقنا للخروج، سألت المهندس الذي كان يرافقني في المصنع عن سبب وجود هؤلاء الصبية في مثل هذا المكان، فقال: «هؤلاء طلابٌ في برنامج العمل الصيفي من مختلف الأعمار، خاصةً من سن 11 إلى 17 عامًا، إذ نقوم بإعطائهم برامجَ تدريبيةً لصناعة وصيانة الرقائق الإلكترونية، وبعض الأعمال الإضافية في المجال الكهربائي، والذي يبدع فيهم، نضعه في برنامجٍ أكثر تطورًا، وجميعهم يحصلون على مكافآتٍ ماليةٍ جيدةٍ، نسلِّمها إلى أولياء أمورهم. هذا البرنامج هو جزءٌ من أهداف حاكم المنطقة، وللعلم، مديرة قسم الانتاج لدينا، بدأت حياتها العملية من هذه الغرفة، ويوجد مثل هذه الغرفة في جميع المصانع الأخرى المختلفة».
ذكَّرني هذا البرنامج ببعض البرامج الصيفية الموجودة لدينا في السعودية، لكنني لا أعلم إن كانت لا تزال تعمل مثل السابق أم لا، لكنْ الأهم في نظري ضرورة وجود برامجَ مركَّزةٍ وذات أهدافٍ محدَّدةٍ، تتناول مسألة صقل شبابنا وشاباتنا في هذه المرحلة العمرية المهمة.
في رأيي، أن ملف الشباب بشكلٍ عامٍّ، خاصةً في هذه المرحلة العمرية، تحتاج إلى مراجعةٍ شاملةٍ، وتحتاج أيضًا إلى مشروعٍ سيادي، يتناول مسيرتهم بدءًا من المراحل العمرية المبكرة. برامج تستمع لهم بإنصاتٍ، وتهتمُّ بالتفاصيل التي يعيشونها، والتوجُّهات التي يرغبون بها، من ثم وضع البرامج الصيفية التي تتناسب مع أعمارهم وميولهم وظروفهم، بالتالي استغلال حماسهم ووقتهم في هذه المرحلة المهمة جدًّا من حياتهم.
اكتساب الشباب والشابات المهارات المهنية الأساسية في هذه المرحلة السنية إعدادٌ مبكِّرٌ للقيادات الوطنية المميزة، واختصارٌ للوقت والجهد اللذين قد نصرفهما عليهم في مراحلَ متقدمةٍ. هي أجدر بأن تُستغل لبرامج علميةٍ وعمليةٍ أكثر تطورًا، فالشباب هم رأس المال الحقيقي.