|


كرة القدم في مسرح الجريمة

تقرير - محمود وهبي 2017.10.08 | 07:06 am

لا تسلم كرة القدم من المآسي، حتى ولو جاءت المأساة في إطار من أقتم الألوان، فالتاريخ الكروي كان شاهداً على مجرمين حوّلوا مجموعة من اللاعبين من نجوم على البساط الأخضر إلى ضحايا في ساحة الجريمة. ففي العام 1994 وخلال المونديال الأمريكي، قرر أحد المراهنين على نتائج المباريات معاقبة المدافع الكولومبي أندريس إسكوبار على هدف عكسي سجله في مرمى منتخب بلاده، فأرداه قتيلاً بـ 6 رصاصات غاضبة على الرغم من اقتناع الكولومبيين بنجومية إسكوبار والسمعة الطيبة التي نالها هذا اللاعب الراحل في بلد يُعرف بارتفاع نسبة الجرائم. وعاد شريط القتل لينهي رحلة مجموعة من الأسماء اللامعة الأخرى بعد الرحيل الحزين لإسكوبار، في وقت بقيت فيه سلسلة من الجرائم أسيرة لتحقيقات شائكة لم تكشف عن هوية القاتل.

أندريس إسكوبار
خسر المنتخب الكولومبي مباراته الأولى في نهائيات كأس العالم عام 1994 بعد سقوطه 1ـ3 أمام نظيره الروماني، وفقد آماله في بلوغ مرحلة الإقصائية عقب خسارته أمام المضيف الأمريكي بهدفيْن لهدف في الجولة الثانية، في مباراة شهدت تسجيل المدافع الكولومبي أندريس إسكوبار لهدف عكسي في مرمى فريقه عند الدقيقة 35 أثناء محاولته لتشتيت تمريرة عرضية. وشارك إسكوبار في المباراة الثالثة التي انتصر فيها المنتخب الكولومبي على سويسرا بهدفيْن نظيفين، قبل أن يعود بعد ذلك إلى مسقط رأسه. وفي 1 يوليو وبعد 5 أيام من إقصاء المنتخب الكولومبي، كان إسكوبار يهم بالخروج من موقف للسيارات عندما اعترضه 3 أشخاص، وبعد جدال قصير بينهم قام أحدهم بإطلاق 6 طلقات من مسدسه تجاه إسكوبار، متلفظاً بكلمة "هدف" بعد كل طلقة. ونُقل المدافع البالغ من العمر 27 عاماً إلى المستشفى على الفور، لكنه فارق الحياة بعد مرور 45 دقيقة متأثراً بجراحه البالغة. وفي اليوم التالي، ألقت الشرطة الكولومبية القبض على القاتل وهو هومبرتو مونيوز الذي عمل حينها حارساً شخصياً لعناصر شبكة مخدرات كولومبية، وسائق لسانتياجو جالون الذي خسر رهاناً مالياً كبيراً بعد خسارة كولومبيا لتلك المباراة. وحصل مونيوز على حكم أولي بالسجن لـ 43 عاماً، قبل أن يتم تقليصها لاحقاً إلى 26 عاما، لكنه غادر السجن لحسن سلوكه عام 2005، أي بعد 11 عاما فقط.

أميلكار هينريكيز
فجعت مدينة كولون في بنما في 15 إبريل من العام الجاري بجريمة قتل أودت بحياة لاعب الوسط الدولي أميلكار هينريكيز، وذلك بعد تعرّضه لإطلاق نار من سيارة متحركة أثناء خروجه من منزله، حيث أقدم المجرمون على التخطيط لهذه الجريمة جيداً عبر الاختباء في المنزال المقابل لمنزل أميلكار. ويُعتبر هذا اللاعب البالغ من العمر 33 عاماً أحد أبرز النجوم في العصر الحالي للكرة البنمية، حيث مثّل منتخب بلاده في أكثر من 80 مباراة دولية منذ العام 2004 ووصولاً إلى مباراته الأخيرة في شهر مارس الماضي أمام منتخب الولايات المتحدة في تصفيات كأس العالم. ولم تنجح السلطات المعنية في الكشف عن هوية قتلة هينريكيز حتى اللحظة، حيث تم التحقيق مع 7 أشخاص من بينهم 3 قاصرين دون التوصل إلى أدلة ملموسة، علماً أنّ هذه الجريمة أودت كذلك بحياة رجل آخر هو ديلانو ويلسون، والذي كان في مسرح الجريمة أثناء وقوعها.

إلسون بيكيرا
حصل نادي الجزيرة الإماراتي عام 2003 على خدمات الجناح الكولومبي إلسون بيكيرا بعد أيام من تمثيله لمنتخب بلاده في بطولة كأس القارات على الأراضي الفرنسية. وبعيداً عن المستوى الفني الذي قدمه هذا اللاعب في تلك البطولة، حصل بيكيرا على إشادة واسعة عندما حاول إنقاذ اللاعب الكاميروني الراحل مارك فيفيان فويه خلال المباراة التي جمعت الفريقيْن في نصف النهائي، والذي انتهت مسيرته في ذلك اليوم عندما فارق الحياة عقب تعرضه لأزمة قلبية على أرض الملعب. وبعد مرور 4 أعوام على وقوع هذه الحادثة، دخل بيكيرا وصديقه ألكساندر ريوس في خلاف مع مجموعة من الشبان في مدينة كارتاجينا الكولومبية، وتطوّر هذا الخلاف بعد أيام قليلة حتى أقدمت هذه المجموعة على قتل بيكيرا وصديقه في 8 يناير عام 2006، ليفارق الحياة وهو في الـ 27 من العمر. وألقت السلطات الكولومبية القبض على 3 أشقاء من عائلة فارجاس في سياق تحقيقاتها، وحكمت على اثنين منهم بالسجن لـ 40 عام، فيما قررت إطلاق سراح الثالث لعدم تورطه في الجريمة.

ألفريدو باتشيكو
أعلن ألفريدو باتشيكو الظهير الأيسر السلفادوري عن اعتزاله كرة القدم عام 2013 بعد مسيرة حافلة جعلته اللاعب الأكثر تمثيلاً لمنتخب بلاده في تاريخ هذا البلد، حيث لعب لمنتخب السلفادور في 86 مباراة دولية منذ العام 2002 بعد سنواتٍ مثّل فيها منتخبات الفئات السنية. وفي 27 ديسبمر من العام 2015 وأثناء وجود باتشيكو مع صديقيْه على مقربة من دورة مياه في محطة وقود، خرج المدعو سانتياجو توليدو مع زوجته جوادالوبي من سيارة رمادية، واقترب من باتشيكو ليصبح على بعد مسافة قصيرة منه، إلى أن قام باستخدام سلاحه ليطلق النار على اللاعب السلفادوري ويرديه قتيلاً على الفور. وتعرّفت السلطات المعنية على هوية القاتل عبر اللجوء إلى تسجيلات الفيديو الخاصة بمحطة الوقود، لكن توليده وزوجته تمكنا من الفرار إلى جواتيمالا قبل القبض عليهما. وكشفت التحقيقات لاحقاً عن عدم وجود أي علاقة بين المجرم وضحيته، وأن توليدو لم يقم بالتخطيط للجريمة قبل وقوعها.

أرنولد بيرالتا
ذهب أرنولد بيرالتا اللاعب الدولي الهندوراسي ضحية لجريمة شنيعة في 10 ديسمبر عام 2015 عندما تعرّض لـ 18 طلق ناري أثناء خروجه من أحد المراكز التجارية. واستبعدت الشرطة في تحقيقاتها فكرة وقوع جريمة منظمة، حيث اعتبرت أن اللاعب البالغ من العمر 26 عاماً قد قُتل نتيجة خلافات شخصية. وتستمر التحقيقات في قضية بيرالتا حتى يومنا هذا، حيث تم إلقاء القبض على رجل يدعى مويزس موريلو في سياق التحقيقات، لكنه تعرض بدوره للقتل مطلع العام الجاري في نفس المدينة التي قُتل فيها بيرالتا، قبل أن تعتقل الشرطة في شهر مارس الماضي إدوين إرنستو للتحقيق معه كمتهم في تنفيذ العملية، وجوزيه مينديز كمخطط لها. ومثّل بيرالتا المنتخب الهندوراسي الأول في 26 مباراة دولية، كما لعب لمنتخب الشباب في كأس العالم للشباب عام 2009، ومع الفريق الهوندوراسي الأولمبي في دورة الألعاب الأولمبية عام 2012.

لوتز آيجيندورف
بدأ لوتز آيجندورف لاعب الوسط مسيرته الكروية مع نادي دينامو برلين في ألمانيا الشرقية عام 1974، واستمر معه حتى العام 1979 في فترة تم فيها استدعاؤه للمشاركة مع منتخب ألمانيا الشرقية في 6 مباريات دولية، قبل أن يهرب إلى ألمانيا الغربية للانضمام إلى نادي كايزرسلاوترن، حيث وصل إلى أوج عطائه. وعمل آيجندورف على انتقاد سياسة الشطر الشرقي لألمانيا عبر اللجوء إلى الوسائل الإعلامية الغربية في فترة انقسام الألمانيتين، الأمر الذي حوّله إلى شخصية مثيرة للجدل في تلك الحقبة، إلى أن أصبح تحت مراقبة عملاء الشرطة السرية لألمانيا الشرقية والتي عُرفت بإسم "ستاسي"، خاصة أن نادي دينامو برلين كان يحظى برعاية ودعم هذا الجهاز. وقامت الشرطة السرية بهندسة عملية اغتيال لوتز في 7 مارس عام 1983، وكان حينها في الـ 26 من العمر، وذلك بعدما قامت شاحنة كبيرة بالاصطدام بسيارته عمداً عند منعطف حاد.

سينزو مييوا
خسر منتخب جنوب إفريقيا في 26 أكتوبر 2014 قائده وحارس مرماه سينزو مييوا بعدما ذهب ضحية لعملية سرقة أثناء وجوده في منزل خطيبته المغنية والممثلة الشهيرة كيلي خومالو. ولعب سينزو مباراته الدولية الأخيرة أمام الكونغو في تصفيات كأس الأمم الإفريقية قبل 11 يوما من وقوع الجريمة التي أردته قتيلاً وهو في الـ 30 من العمر. وكان سينزو يحاول الدفاع عن خطيبته عندما أطلق عليه أحد السارقين طلقاً نارياً من مسدده، قبل أن يتم الإعلان عن وفاته فور نقله إلى المستشفى في العاصمة جوهانسبورج. ولم تتوصل الشرطة إلى أي نتيجة في تحقيقاتها لتتحول قضية سينزو إلى قضية باردة، في الوقت الذي تحدث فيه أحد المفوضين في الشرطة عن عملية تحايل لمنع التوصل إلى نتيجة، حيث انتقد تعيين محققين مبتدئين للكشف عن خبايا هذه الجريمة التي لم تصل إلى حل حتى يومنا هذا.

ضحايا النازية
عرفت كرة القدم البولندية جيلاً مميزاً من اللاعبين في الفترة التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، قبل أن تدخل في مرحلة ضبابية نظراً لما تعرضت له هذه البلاد خلال سنوات الحرب. ولعب منتخب بولندا مباراته الأخيرة قبل الحرب بمواجهة العملاق المجري، وتغلّب حينها على المنتخب الذي احتل المركز الثاني في نهائيات كأس العالم عام 1938 بنتيجة 4ـ2. ودخل جوزيف كلوتز تاريخ كرة القدم البولندية من أوسع أبوابه عندما سجل أول هدف في تاريخ المنتخب البولندي خلال الفوز على السويد في 28 مايو عام 1922، وهو لعب لمجموعة من الأندية البولندية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، وصولاً لتعرضه للقتل عام 1941 على يد النازيين في العاصمة كراكاو. وفي الفترة نفسها، كشف البولندي الآخر ليون سبيرلينج عن نفسه كأحد أبرز نجوم الجيل الكروي الأول في بولندا، ولعب مع منتخب بلاده في دورة الألعاب الأولمبية عام 1924 في باريس، قبل أن يلقى مصيراً شبيهاً بمصير زميله كلوتز عندما قتل رمياً بالرصاص على يد النازيين أيضاً في حي اليهود بمنطقة ليمبيرج. وانضم الجناح الأيمن الأمريكي إيدي هاميل إلى قائمة ضحايا النازية عام 1943 عندما تعرّض للقتل في معسكر أوشفيتز بعد سنوات من اعتزاله، علماً أنّه أمضى مسيرته بأكملها مع نادي أياكس الهولندي.