|


أحمد الحامد⁩
عجّل يا إيلون!
2021-12-08
في بداية كورونا دخلت في نقاش مع أحد الأصدقاء من متبني نظرية أن كورونا مؤامرة، حاولت أن أوضح له بأن ما يقوله غير منطقي، وبأن العالم سبق وتعرض عدة مرات لجائحات.
ويوجد في الكتب التاريخية الكثير من الوصف لأحوال الأمم، التي تعرضت لجائحات، وذكرت له الإنفلونزا الإسبانية في الربع الأول من القرن الماضي القريب، ورفض أن يقتنع، وتحجج بمقاطع فيديو على اليوتيوب ممن يتبنون نظريات المؤامرة، لكنني تعاطفت معه لما آلت إليه صحته العقلية، وتصديقه لما هو خارج عن المنطق، عندما قال: “هل تعلم بأنهم يعملون على زراعة شريحة في رأس الإنسان، وحينها سيتحكمون به”!؟ قلت له إن هذا لن يحدث، وعليه أن يعيد النظر في طريقة تفكيره لكي لا تتشابك أعصاب عقله، خصوصًا وأنه المسؤول عن عائلته الكبيرة، ومع أن حديثي له بهذه الطريقة سببه “الميانة”، التي بيننا، إلا أنه نظر نحوي، وقال بكل جدية: “أنت مسكين، ولا تعرف ما الذي يدور في هذا العالم”. كان هذا الحديث في بدايات كورونا، ولم أتذكره إلا بالأمس، عندما قرأت تصريحًا لإيلون ماسك يقول فيه بأن إحدى شركاته ستزرع شرائح في رؤوس مجموعة من الناس! والهدف، حسب ما قال، هدف طبي. تذكرت صديقي، وقفزت كلماته أمامي: “أنت مسكين”!. رحت أفكر، وحاولت تهوين الأمر، وقلت طالما أن الهدف طبي فهو قفزة طبية، وتقدم إنساني عظيم، ولا داعي للقلق، طالما أنه سيبقى داخل نطاق الطب، ثم نطق الصوت الداخلي في عقلي متسائلًا: مما أنت خائف؟ وعلام تخاف؟ أليس من الأفضل لك أن يزرعوا لك شريحة تقوي ضعف ذاكرتك؟ أتريد أن تفقد محفظتك أو هاتفك كل عدة أشهر؟ أليس من الأفضل أن يزرعوا لك شريحة فيها قاموس للغة الإنجليزية، التي عجزت أن تتعلمها مثل الخلق والناس؟ أليس من الأفضل لو زرعوا لك شريحة تنظم لك مصاريفك بدلًا من تبديد راتبك في بدايات الشهر على أشياء لست بحاجة لها، ثم تبقى من منتصف الشهر مفلسًا تتهرب من لقاء ضيوفك وأصدقائك؟ أليس من الأفضل لو كانت عندك شريحة تبقيك متوازنًا دون تقلبات نفسية وعصبية؟ أنت في أشد الحاجة لمثل هذه الشريحة، التي قد تزيل عنك أفكارك الرومانسية غير العملية والبعيدة عن الواقع. كان الصوت الداخلي هذه المرة منطقيًا وصريحًا، ومع أنني لم أنتظر يومًا صدور هاتف جديد، أو سيارة جديدة، إلا أنني سأنتظر هذه الشريحة بكل شوق وأمل، عجّل يا إيلون!