صديقي العربي لا يتحمل النقاشات وطبعه الغضب، سريع الاشتعال كالبنزين، وأنا لا أحب الأحاديث الغاضبة لما يتخللها من مواقف محرجة على المغضوب عليهم، طيب وخلوق وأمين ودقيق.
كان والده يعمل محاسبًا وأظنه اكتسب الدقة الشديدة من والده الذي كان يطبق الدقة على أولاده مثلما كان يفعل على الورق، مشكلة هذا الصديق تبدأ عندما يتحمس في النقاش ثم يتطور الحماس إلى غضب، لذلك اعتدت وقبل تحول حماسه أن أوافقه رأيه لكي يعتقني ويتحول إلى شخص غيري، أوافقه حتى لو قال إن مارادونا كان حارس مرمى جيدًا، سأضيف وامتاز بصده لضربات الجزاء، تعرفت عليه عندما كنت أصحب ابني الصغير لنادي الكرة الذي يلعب فيه، كان هو أيضًا يصحب ابنه، لكن ابنه المتفوق دراسيًا لا يتميز بالموهبة الكروية، لذلك كان يضيع الفرص السهلة أمام المرمى، ويمرر الكرات بصورة خاطئة، في المرة الأولى التي انتبهت فيها لوجوده كان واقفًا عند خط الملعب في أول مباراة ويقوم بتوجيه ابنه وإعطائه التعليمات بصوت مرتفع وغاضب، دون أن يهتم لوجود المدرب: ما تعرف تلعب باص.. باص يا أخي باص؟! بعدها بدقائق قفز غضبًا عندما سدد ابنه كرة سهلة انتهت بين يدي الحارس: والله لو نملة شايته الكورة كانت أقوى! كان المدرب صامتًا صمت الخائف، وكُنَّا نحن الآباء نفرح عندما يمرر ابنه تمريرة صحيحة لكي يتخلص من غضب والده، ونصفق عندما يسدد نحو المرمى لكي نبدو كمعجبين بمحاولة ابنه على أنها خطيرة، بدّل المدرب بعض اللاعبين، لكنه لم يجرؤ على تبديل ابن الرجل الغاضب، راوغ أحد اللاعبين دفاع الخصم ومررها سهلة إلى الصبي الصغير الذي وضع قدمه فدخلت الكرة المرمى.. صفقنا جميعًا فرحين بتسجيله الهدف، فرح المدرب بالهدف الثالث كما لم يفرح بهدف التقدم الأول. كنت لا أعرف الرجل لكنني توجهت إليه بعد المباراة وصافحته وبدأت بالتعرف عليه، دعوته لشرب فنجان قهوة، اكتشفت عقلًا لامعًا، مثقفًا ومن أسرة متجذرة في العلم والتعليم، وعند توجهنا نحو سياراتنا فاتحته بموضوع غضبه على ابنه وأنه طفل والمسألة لعب. وعدني بأنه سيكون هادئًا في المرة القادمة، لكنه عاد لعادته، وكنت أطلب منه أن يتوقف وكان يتوقف، لكنه صار يوجه غضبه نحوي عندما يمرر ابنه تمريرة تصل لأقدام الخصم، ورضيت بهذا الحل لكي يتخلص الطفل من ضغوطات أبيه: بالله عليك هذي تمريرة.. والله لازم نحسبه لاعب معاهم مو معانا! كانت هذه الأيام قبل حوالي 8 سنوات، بالأمس تناولت الغداء عنده، وعندما خرجت تساءلت لماذا أحتفظ بصداقة رجل سريع الغضب؟ أمطرت الأجوبة: لكنه طيب وكريم وصادق وواضح، لا يغتاب الناس ولا يحقد عليهم، سريع الغضب لكنه غضب سريع الانطفاء.
كان والده يعمل محاسبًا وأظنه اكتسب الدقة الشديدة من والده الذي كان يطبق الدقة على أولاده مثلما كان يفعل على الورق، مشكلة هذا الصديق تبدأ عندما يتحمس في النقاش ثم يتطور الحماس إلى غضب، لذلك اعتدت وقبل تحول حماسه أن أوافقه رأيه لكي يعتقني ويتحول إلى شخص غيري، أوافقه حتى لو قال إن مارادونا كان حارس مرمى جيدًا، سأضيف وامتاز بصده لضربات الجزاء، تعرفت عليه عندما كنت أصحب ابني الصغير لنادي الكرة الذي يلعب فيه، كان هو أيضًا يصحب ابنه، لكن ابنه المتفوق دراسيًا لا يتميز بالموهبة الكروية، لذلك كان يضيع الفرص السهلة أمام المرمى، ويمرر الكرات بصورة خاطئة، في المرة الأولى التي انتبهت فيها لوجوده كان واقفًا عند خط الملعب في أول مباراة ويقوم بتوجيه ابنه وإعطائه التعليمات بصوت مرتفع وغاضب، دون أن يهتم لوجود المدرب: ما تعرف تلعب باص.. باص يا أخي باص؟! بعدها بدقائق قفز غضبًا عندما سدد ابنه كرة سهلة انتهت بين يدي الحارس: والله لو نملة شايته الكورة كانت أقوى! كان المدرب صامتًا صمت الخائف، وكُنَّا نحن الآباء نفرح عندما يمرر ابنه تمريرة صحيحة لكي يتخلص من غضب والده، ونصفق عندما يسدد نحو المرمى لكي نبدو كمعجبين بمحاولة ابنه على أنها خطيرة، بدّل المدرب بعض اللاعبين، لكنه لم يجرؤ على تبديل ابن الرجل الغاضب، راوغ أحد اللاعبين دفاع الخصم ومررها سهلة إلى الصبي الصغير الذي وضع قدمه فدخلت الكرة المرمى.. صفقنا جميعًا فرحين بتسجيله الهدف، فرح المدرب بالهدف الثالث كما لم يفرح بهدف التقدم الأول. كنت لا أعرف الرجل لكنني توجهت إليه بعد المباراة وصافحته وبدأت بالتعرف عليه، دعوته لشرب فنجان قهوة، اكتشفت عقلًا لامعًا، مثقفًا ومن أسرة متجذرة في العلم والتعليم، وعند توجهنا نحو سياراتنا فاتحته بموضوع غضبه على ابنه وأنه طفل والمسألة لعب. وعدني بأنه سيكون هادئًا في المرة القادمة، لكنه عاد لعادته، وكنت أطلب منه أن يتوقف وكان يتوقف، لكنه صار يوجه غضبه نحوي عندما يمرر ابنه تمريرة تصل لأقدام الخصم، ورضيت بهذا الحل لكي يتخلص الطفل من ضغوطات أبيه: بالله عليك هذي تمريرة.. والله لازم نحسبه لاعب معاهم مو معانا! كانت هذه الأيام قبل حوالي 8 سنوات، بالأمس تناولت الغداء عنده، وعندما خرجت تساءلت لماذا أحتفظ بصداقة رجل سريع الغضب؟ أمطرت الأجوبة: لكنه طيب وكريم وصادق وواضح، لا يغتاب الناس ولا يحقد عليهم، سريع الغضب لكنه غضب سريع الانطفاء.