|




أحمد الحامد⁩
صف ثالث
2022-03-09
فنانو الصف الثالث في التمثيل مظلومون، بل مظلومون جدًا، ومع أنهم يعيشون في الوسط الذي يجمع المشاهير إلا أن معظمهم يغادر الحياة دون خبر صغير في صحيفة، وأرى أن من أشد الظلم في حقهم جاء من نجوم الصف الأول، لأنهم لم يسلطوا بعض الضوء الإضافي عليهم من خلال اصطحابهم في المناسبات العامة، وإعطائهم بعض الوقت في لقاءاتهم التلفزيونية.
الصحافة أيضًا ساهمت في وقوع الظلم لأنها تهتم بنجوم الصف الأول والثاني، مع أن من مهامها تركيز الضوء على المواهب وعدم الاكتفاء بالإضاءة على من هم تحت الضوء. فنان الصف الثالث يشارك في أفلام كثيرة لكن ظهوره قصير، مشهد واحد أو اثنين في الفيلم، والجمهور غالبًا يتأثر ويحفظ أسماء الأبطال الأكثر ظهورًا على الشاشة. تكمن أهمية وجود هذا الصف أنه صف لا يستغنى عنه في العمل، وهم موهوبون جدًا، ومن يطلع على حقيقية مواهبهم سيكتشف أن الكثير منهم لا يقلون موهبة عن نجوم الشباك، هذا ما أثبته كل من جاءت نجاحاتهم متأخرة في السينما، وأعتقد أن أسباب تأخر أو عدم ظهور موهبتهم مطلقًا أنهم وقعوا بين أمرين، إما أن شخصيتهم ليست بمواصفات النجم الذي تتطلبه المرحلة، أو أنهم غير محظوظين مع المخرجين. والمؤسف فوق ذلك أن أجورهم قليلة. في السينما المصرية هناك الكثير من الأمثلة التي تقول إن الممثلين الذين يوصفون بممثلي الصف الثالث لديهم مواهب كبيرة لا تقل عن النجوم الكبار، لكنهم ينتظرون الحظ الذي قد يصل وقد لا يصل أبدًا، ومن الفنانين الذين وصلهم الحظ الفنان ضياء الميرغني أحد المؤثرين في فيلم مرجان أحمد مرجان (2007) وأمير البحار (2009)، وله حضور قصير في النوم في العسل (1996). نجومية ضياء انتظرت طويلًا وظهرت أو تفجرت موهبته بعد أن أخذت مساحة أكبر، مع أنه شارك في بعض الأعمال منذ العام 1982، ولا أدري إن شارك قبل ذلك على شاشة التلفزيون أو السينما. الفنان محمد محمود مثال آخر على وجود نجوم كبار تحت الأضواء الخافتة، ويحسب لمحمد هنيدي أنه قدم لنا محمد محمود في فيلم أمير البحار، ثم قدمه بمساحة كبيرة في مسلسل أرض النفاق. الفنان الراحل خالد صالح من الفنانين الذين تأخرت نجوميتهم نسبيًا، وهذا يدل أن الكثير من الأخطاء الفادحة يرتكبها المخرجون، حتى الكبار منهم. الفنان بيومي فؤاد كذلك، بل إن ظهوره الحالي الذي يعتبر كثيرًا نسبيًا فيه تأكيد أن بعض المواهب الكبيرة مظلومة بسبب تقييم المخرجين الخاطئ لهم. الحظ في الفن يشبه حظ الإنسان في الحياة، قد يأتي رائعًا في الوقت المناسب، وقد يتأخر لكنه يأتي، والمؤكد أن بعض المواهب في شتى المجالات ضاعت دون أن نعرفها.