|


رحل أبو عمير .. الإنسان .. والمكافح

رؤية - سلطان رديف 2014.06.25 | 06:00 am

ودع الوسط الرياضي والشبابي محمد سعيد أبوعمير مدير عام مكتب الرئيس العام لرعاية الشباب ورجل الإعلام وأحد أهم الشخصيات التي عملت بصدق ونزاهة بعيداً عن الأضواء ، وعندما أكتب اليوم لأودع صديقاً وأخاً بل ومعلماً استفدت منه الكثير فإنني بلاشك لن أوفيه حقه ولكنها الكلمات التي لابد أن تخرج من قلوب المحبين لشخصية نشهد لها اليوم ومن حقها علينا أن نقول عنها كلمة الحق بعد أن فارقنا إلى جوار ربه.

محمد أبوعمير الذي كان مخلصاً في عمله وأدى أمانتها بصدق وإخلاص والذي كانت تربطني به علاقة وطيدة منذ سنوات تزاملنا وتشاركنا في كل شيء عملت معه سنوات استفدت منه الكثير.

فعلى الصعيد العملي حدث ولا حرج فلم تشاهد عيني رجلاً أخلص في عمله حتى وهو يصارع المرض على السرير الأبيض في سنوات مضت كانت المعاملات لا تفارق سريره تخرج وتدخل عليه وكنت أرافقه في المستشفى لساعات طوال وهو يعكف على تلك الملفات كان يحمل هم المسئولية التي حمل أمانتها حتى في يوم وفاته وقبيل نقله للمستشفى كان عاكفاً على عمله يؤدي واجبه في أغلب جلساتنا الخاصة كان هاتفه لا يتوقف يتحدث ويقنع ذاك ويعالج تلك المشكلة ويتابع أخرى ولم يكن يرد أحداً ، أتذكر في أكثر من قضية ومشكله كنت أحملها له من هذا الطرف أو ذاك كان يستقبل القضايا ويسعي في حلها وكان مكتبه مفتوحاً في كل وقت كنت أجلس في مكتبه لساعات لم أشاهد سكرتيراً أو مدير مكتبه يدخل عليه ليستأذن لدخول أي شخص بل كان يستقبل الجميع بابتسامته.



الوفاء والتضحية

في حفل جائزة الرياضية للتميز الرياضي الأخير قبل أشهر كنت على تواصل معه لترتيبات حضور الأمير نواف بن فيصل وفجأة قبل الحفل بيومين لم يرد على اتصالاتي بل كنت أجد هاتفه مقفلا وفي يوم الحفل وردني اتصال منه فسألته عن غيابه المفاجئ فقال أنا في الطريق للحفل وقال لقد خرجت من غرفة العمليات قبل ساعات تعبت ودخلت المستشفى وأجريت قسطرة في القلب وطلب مني حينها أن أكتم الأمر ولا أخبر أحداً.

كنت أتحدث معه عن بعض مشكلات لزملاء في الوسط الاعلامي وكان يطلب عرضها عليه وكان يسعى في حلها ومساعدتهم حتى في مجال العمل كان يسهل للجميع ويعطي الفرص لهم ويدعمهم وهو رجل الإعلام الذي أحب هذه المهنة وأبدع فيها.

رغم صداقتنا وقربنا لم يتصل بي في يوم من الأيام لكي يسأل لماذا نشرتم هذا الموضوع أو ذاك كان يؤمن بحرية الإعلام ومع كل هذه العلاقة أشهد الله أنه لم يسرب لي يوماً معلومة أو خبراً لنشرها بل كنت أسأله أحياناً ويرفض الإجابة بأدب المسئول الذي يعلم أنها أمانة الكرسي الذي يجلس عليه بل كان يتحدث فيما هو مخول بالحديث عنه وفي قضايا كثيرة كنت أعلم أنها بين يديه ويعلم كل تفاصيلها ولم يكن يكشف لي منها شيء رغم شغفي أنا كصحفي أن أحصل على هذه المعلومة أو تلك كسبق صحفي رغم أننا كنا نتحدث في بعض الأمور ولكنه كان حديث الأمانة الذي لا يمكن أن يجد له طريقا لصفحات الرياضية بل كان الحديث عنها من باب التشاور والتفكير وحديث الصديق لصديقه.



صمام الأمان

شاهدته في أحيان كثيرة كيف كان يتعامل مع القضايا والأحداث بحكمه وهدوء بعيداً عن أي حسابات أخرى والكل يعلم قضايا الوسط الرياضي ومشاكلها فكان صمام الأمان دائماً بنظرة تختلف عن الآخرين يبحث عن المصلحة العامة ويحرص على تطبيق الأنظمة بالشكل الذي يحمي فيه المنظومة ومن يديرها كان يتعامل مع كل الشخصيات وكل الأطراف في كل يوم يستقبل مشاكلهم وقضاياهم كنت أستمع للكثير منها وكيف كان يتعامل معهم بأدب المسئول بل كان يسافر هنا وهناك دون أن يعلم أحدا ليجتمع بهذا أو ذاك ليحل قضية أو يوصل رسالة أو يتأكد من أمر ما.

محمد أبوعمير الذي أتى من أبها ليكمل دراسته الجامعية حتى حصل على الماجستير وعمل في الإعلام منذ دراسته في الجامعة ووضع له بصمة في عالم الاعلام حتى أصبح مديراً عاماً لمكتب الرئيس العام لرعاية الشباب والذي كافح في حياته العمليه لم يكن شخصاً عادياً بل كان استثنائياً في كل شيء نسي حياته الشخصية وكرسها في خدمة دينه ووطنه وشبابه اليوم ندعوا له بالمغفرة فقد فارقنا بعد أن صارع المرض لسنوات عشتها معه لحظه بلحظة كان يخفي ألمه خلف تلك البسمة متصبراً محتسباً في أحيان كان يعلم أن أيامه معدودة ومع هذا كان مقبلاً على حياته وعمله متفانياً حتى آخر ساعاته قبل أيام من وفاته كنت اتصلت عليه أكثر من مرة فلم يجب وكنت أعلم أنه عندما يغيب فهو يغيب لمرضه وفي صباح أمس تلقيت خبر وفاته بألم وحزن من فارق صديقاً وأخاً وحبيباً.

أعلم أنني مهما كتبت اليوم فلن أفي الرجل حقه ففي القلب من الحزن ما يجعل الكلمات ترتبك ولكنه واجبنا تجاه صديق وأخ ومسئول ضحى بالكثير من أجل الوطن وشبابه أن نكتب في حقه كلمات ونحن نودعه وليس أثمن من أن يضحي الرجل بصحته وحياته فهناك من الأحداث والشواهد التي نعرفها قد لا تخرج اليوم ولكنها ستكتب في مكان آخر.

رحمك الله يا أبا نواف وأسكنك فسيح جناته فالوطن اليوم يفقدك ونحن نفقدك وعزاؤنا لأنفسنا ولأهله وإخوته ..

إنا لله وإنا إليه راجعون.