|


من يحاربها اليوم قاتل من أجلها بالأمس

تقرير - سلطان رديف 2014.07.08 | 06:00 am

خلال الفترة الماضية وتحديداً قبيل انتخابات مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم، حذرنا هنا في "الرياضية" من تداعيات الأخطاء التي كان يشتمل عليها النظام الأساسي للاتحاد، وقلنا وقتها إن تلك التداعيات سوف يفرزها واقع العمل بعد تشكيل مجلس الإدارة، وأكدنا على ضرورة عدم الاستعجال في إجراء انتخابات في ظل نظام أساسي غير مكتمل لأن ذلك سيضر في المستقبل بكرة القدم السعودية، وفي ذلك الحين شكلت لجنة لتعديل النظام الأساسي بعد تشكيل الجمعية العمومية للاتحاد لتقوم بتعديل النظام قبيل الانتخابات، وبعد أن تم اعتماد أعضاء الجمعية العمومية.

وبعد الانتخابات، شكلت لجنة أخرى للعمل على تعديل النظام الأساسي للاتحاد، وفي ذلك تناقض عجيب، فالنظام الأساسي كان يعدل بشكل غريب وفي فترات متقاربة ولم يتم تعديله بالشكل الصحيح حتي هذا اليوم ومازال هو (أي النظام الأساسي) محل جدل متناقض ومحل تغيير مستمر، وكأننا لم نحذر ولم يتحدث أحد عن ذلك، ولكن لعل ذلك كله يشير بشكل كبير لوجود مصالح وقوى ترغب في التعديل في كل مرة لخدمة مصالحها، وهذا الأمر لابد أن يوضع له حد خاصة إذا ما علمنا أن المتضرر الأول والأخير هو الاتحاد السعودي لكرة القدم وكرة القدم السعودية، ولن يتضرر الأشخاص الذين يبحثون عن مصالحهم أكثر من بحثهم عن مصلحة اتحاد الوطن.

بداية القصة

عندما نتحدث عن النظام الأساسي فلابد أن هناك قصة تقودنا لما وصلنا له اليوم من تداعيات بدأت تظهر على السطح وحذرنا منها قبل أشهر، ولم يكن هناك من يريد أن يسمع، بل اتهمنا بأننا نقف مع طرف ضد الآخر رغم أن كل ما نشر وما سينشر لن يكون مجرد حديث وتأويل بل كان وسيكون مقروناً بالأدلة والأوراق والمستندات، وما علينا اليوم هو تحليل الواقع وسرد القضية كما هي بكل حياد ولا يعنينا أي طرف، بل الأمر الذي نهدف إليه هو حماية اتحاد كرة القدم من تداعيات وصلت اليوم إلى حد تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم في شأن محلي بتوصية محلية ويرفض حسب الرواية عدم عقد جمعية عمومية غير عادية وهي التي طالب بها أعضاء الجمعية العمومية وهي سابقة جديدة في تاريخ كرة القدم السعودية فمن أوصلنا لهذا الأمر؟.

لاشك أن المادة المختلف عليها اليوم هي الفقرة الخامسة من المادة الحادية والعشرين من الفصل الرابع والتي تقول في نصها (لا يحق للأندية والروابط والهيئات والجهات التي منحت ورشحت ممثلا أو ممثلي لعضوية الجمعية العمومية استبدالهم قبل إنتهاء فترة ولايتهم المحددة بأربع سنوات إلا في حالات الظروف القاهرة كالوفاة أو المرض العضال).

هذه هي المادة التي تشكل محور الخلاف والتي سبق وحذرنا منها وحذر منها غيرنا وقلنا في ذلك الوقت لا نعلم أن هناك اتحاداً قارياً أو محلياً يتبع مثل هذا النظام، وكيف لممثل مقعد خاص بجهة أن لا يملك تغيير العضو الذي يمثله، ولكن لأن هناك مصالح في ذلك الوقت كانت تتطلب وجود مثل هذه المادة لم يكن هناك من يرغب في سماع تلك النصائح، وبقدرة قادر أصبح من كان يطالب بتلك المادة في ذلك الوقت هم أنفسهم اليوم من يطالبون بتغييرها لأنها كانت تخدم مصالحهم سابقا واليوم تقف ضد مصالحهم.



لجنة التعديل

ونود التذكير هنا أنه وقبل انعقاد الانتخابات تم تشكيل لجنة لتعديل النظام الأساسي وتم اختيار سبعة أعضاء هم (الدكتور عبدالرزاق أبو داود رئيساً ـ والأعضاء الدكتور صلاح السقا والدكتور عبداللطيف بخاري والدكتور عبدالله البرقان وإبراهيم الربدي وخالد المعمر وعدنان المعيبد ) ولو لاحظنا أن خمسة من أعضاء اللجنة هم اليوم أعضاء في مجلس الإدارة الحالي، وتم من خلال اللجنة السباعية تعديل النظام الأساسي والتوقيع عليه، ولم تكن الفقرة الخامسة من المادة الحادية والعشرين من الفصل الرابع ضمن هذا النظام المعدل، وبعد تسليم النظام الذي تم التوقيع عليه بأيام، وبعد ظهور أخبار هنا وهناك بأن هناك شخصيات من الممكن أن تتقدم وترشح نفسها لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم، وبعد أن ظهر أحد أعضاء اللجنة السباعية وأكد أنه لا يوجد هناك ما يمنع أن يغير النادي عضو الجمعية العمومية خاصة أن المرشح لرئاسة الاتحاد لابد أن يكون عضواً في الجمعية العمومية، كل ذلك جعل البعض يتوجس من دخول شخصيات مؤثرة للجمعية العمومية ومن ثم المنافسة على منصب الرئيس ونائب الرئيس وعضوية مجلس الإدارة وفي ذات الوقت ممن كانوا يبحثون عن مقاعد في مجلس الإدارة فلاشك أن تغييرهم سيكون مؤثراً عليهم وعلى تحالفات تم العمل عليها والتي من الممكن أن تتغير في حال تغير أعضاء الجمعية العمومية.

حينها بدأ رئيس اللجنة السباعية الدكتور عبدالرزاق أبو داود في العمل على إضافة الفقرة الخامسة من المادة الحادية والعشرين من الفصل الرابع بمساندة بعض الأعضاء مطالبين بأهمية وجود فقرة تمنع تغيير عضو الجمعية العمومية وهو ما لا يتفق مع أي قوانين لكرة القدم حتى على مستوى الاتحادات القارية التي لايوجد فيها مثل هذا النظام فكان ذلك أحد الاختراعات الجديدة في عالم كرة القدم وبالفعل تم إضافة الفقرة مع معارضة عضو واحد في ذلك الوقت وهو خالد المعمر الذي رفض التغيير والتوقيع عليه وبالفعل تمت الإضافة وتم التوقيع عليها من قبل ستة أعضاء خمسة منهم أعضاء مجلس إدارة الاتحاد السعودي الحالي.

انكشاف الخلل

اليوم وبعد مرور أكثر من سنة ونصف على الانتخابات وبعد تعديلين للنظام الأساسي وبعد أن أصبحت القوة تكمن في يد أعضاء الجمعية العمومية الذين أعلنوا اليوم اختلافهم الشــــديد مع مجلس الإدارة الحالي والذي ســبق أن حذرنا منه وبعد أن لمس مجلس إدارة الاتحاد السعودي من رئيسه والأعضاء جدية العمل مــن قبل أعضاء الجمعية العمومية والذي قد يصل لحجب الثقـــة والدعوة لحل مجلس الإدارة وعقــــد انتخابات جديدة مما يعني خـــروج كافة الأعضـــاء الحاليين عــــن مجلـــس الإدارة، ولأن مجــــــلس الإدارة والجمعية العموميـــــــة والأنديــة التــي من الممكــن أن يتم التفاهم معها حسب المصالح لا تستطيع تغيير أعضاء الجمعية العمومية الذين لا يتفقون مع مجلس الإدارة مما يعني قوة مطلقة للجمعية العموميــة وضعف واضح في مجلس الإدارة، عاد نفس الأشـــخاص الذين طالبوا بهذه المادة من قبل للمطالبة بتعديلها بعد أن اختلفت المصالح وأصبحت هذه المادة تهدد مصالحهم وتهدد بقاءهم في مقاعدهم ("الرياضية" تنشر نص ذات المادة قبل التعديل وبعد التعديل بتواقيع الأعضاء).

وبعد أن تم تشكيل لجنة لتعديل النظام الأساسي ورفضهم لعقد الجمعية العمومية غير العادية والتي كانت ستشكل محكاً صعباً جداً لمجلس الإدارة الحالي فكان الخيار هو التحرك للاتحاد الدولي ومطالبته بعـدم عقـــــد الجمعية العمومية غير العادية (حسب رواية اتـحاد كرة القدم) لوجود الفقرة الخامسة من المادة الحادية والعشــرين مـــن الفصـــل الرابـع والتي ســبق لمجلس الإدارة وأعضائهـــا ومجلس الإدارة المـؤقـت اعتمادها وإدراجهــــا والتي على ضوئهـا أجريت الانتخابــات وتمت الإشادة بها، ومن هنا يتضح حجم التناقض الكبير بين المرحلتين (ما قبل الانتخابات وما بعدها) والتي تكيــــف في كلتا الحالتين حسـب المكاسب والمصالح هنا وهناك وفي ذات الوقت نجد أن من يقوم بالدور هم نفس الأشخاص في كلتا الحالتين.

مسمار (فيفا)

بالعودة لما قبل الانتخابات كانت الأصوات في ذلك الوقت وخاصة في الإدارة المؤقتة تؤكد أن الاتحاد الدولي لكرة القدم اعتمد النظام الأساسي الحالي الذي يعمل به والذي على ضوئه تم اعتماد الانتخابات، وسبق وقلنا إننا كنا نسمع أن هناك خطابات من (فيفا) ولكنها لم تكن تنشر وسبق وأكدنا أنه لا يوجد ما يثبت أن (فيفا) اعتمد النظام الأساسي الحالي سوى حديث بدون دليل يستند عليه من يتحدث، ونحن اليوم نسمع ذات الحديث من أن (فيفا) يمنع عقد الجمعية العمومية بسبب خلل في الفقرة الخامسة من المادة الحادية والعشرين من الفصل الرابع في النظام الأساسي وهذا بلاشك يعد تناقضاً عجيبا، فكيف لـ (فيفا) أن يعتمد النظام قبل سنة ونصف ويعتمد تشكيل مجلس إدارة الاتحاد ويعود مرة أخرى بعد سنة ونصف لكي يقول إن هناك خللا في النظام الأساسي؟ وهل أصبح (فيفا) هشاً لهذه الدرجة؟ وفي كل الحالات لم ينشر أو يكشف أي خطاب للفيفا والمراسلات التي على أثرها تم هذا الأمر أو ذاك حتى لأعضاء الجمعية العمومية والذين أصبحوا آخر من يعلم في كل أمر وأن الجمعية العمومية (كما ينص عليه النظام في كل الاتحادات المحلية والقارية والدولية في العالم) لم تعد المشرع والسلطة العليا ولم يعد لها أي صلاحية في اتخاذ القرار.

يذكر أن رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد عيد قال في افتتاح الجمعية العمومية بتاريخ 19ـ3ـ2013م (بأن (فيفا) أشاد بالتجربة السعودية والتي كان الاتحاد السعودي رائداً فيها عربياً ونوه بأن (فيفا) يسعى إلى تطبيق تجربتنا وتعميمها في المنطقة) وهذا بلاشك تناقض آخر في ظل أن (فيفا) ينتقد ويطالب بتغيير أنظمة في النظام الأساسي التي على ضوئها تم انتخاب الرئيس والأعضاء، وأن هناك خللا جوهريا وكبيرا، والسؤال الذي مازلنا نطرحه من سنة ونصف هو هل اعتمد (فيفا) نسخة النظام الأساسي التي تم اعتمادها في 4 نوفمبر 2012م أم لم يتم اعتمادها؟ ولاشك أن الاجابة على هذا السؤال تعني الكثير من المفاجآت والتناقضات وستكشف الكثير من الحقائق، وأضيف لكل ذلك أننا سمعنا أيضاً قبل الانتخابات التي تم تأجيلها في ذلك الوقت أن التأجيل أيضاً كان من (فيفا) الذي أصبح اليوم مسمار جحا الذي يعلق عليه كل أمر.



من المسؤول؟

في العمل الصحفي لايتم الاعتماد إلا علي الأدلة والوثائق وهي عامل الحقيقة الذي من خلاله نستمد المعلومة بعيداً عن أي حسابات يراها هذا الطرف أو ذاك، ولعل كل ما حذرنا منه أصبح اليوم ظاهراً على السطح وهذا دليل على أننا كنا ومازلنا في صحيفة "الرياضية" نبحث عن المصلحة العامة بعيداً عن الحسابات الشخصية أو الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك وجميع ما يقدم على هذه الصفحات هو من واقع أدلة ووثائق بعيداً عن أي اجتهاد، واليوم نطرح السؤال الأهم الذي لابد أن نعرف الإجابة عليه بصدق وهو من المستفيد من كل ماحدث وما سيحدث؟ ولماذا يتم التعامل مع القضايا بهذا الشكل؟ ولماذا يتم تصعيد الأمور في كل مرة للاتحاد الدولي لكرة القدم؟ ومن المستفيد بتدخل الاتحاد الدولي بهذا الشكل المعتم الذي لم يكن لا بالأمس ولا اليوم واضحاً؟ ولماذا لا نتعامل مع خطابات (فيفا) بشفافية؟ ولماذا يتم إخفاؤها بهذا الشكل؟ وماهي المشكلة من كشف تلك المراسلات لأعضاء الجمعية العمومية وللإعلام خاصة أننا دخلنا عصر الديمقراطية الرياضية التي تعني الشفافية والوضوح المطلق؟ ولماذا في كل يوم لدينا نظام أساسي جديد ولجان تشكل لتعديل هذا النظام؟، ولماذا عندما نشكل جمعية عمومية بنظام يقال إنه معتمد من (فيفا) وننتخب مجلس إدارة من خلال هذا النظام ونشيد به في كل محفل وأن (فيفا) يريد تعميم هذه التجربة على المنطقة العربية، وفجأة يصبح كل ذلك خطأ لابد من تغييره؟، أترك كل تلك التساؤلات للمسؤولين أولاً عن الرياضة السعودية ولاتحاد كرة القدم السعودي ومجلس الإدارة ولأعضاء الجمعية العمومية، وعلى القارئ أن يتابع تفاصيل جديدة سننشرها في الأيام المقبلة تكشف جانباً من العمل داخل منظومة كرة القدم السعودية.