|


د. سعود المصيبيح
الفكر لا يواجه إلا بفكر
2014-08-28

تنقل لنا وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب مواقف لدعاة وهم يذهبون لأجهزة حكومية للاحتساب كما يقولون ضد عدد من القضايا المختلفة. وعندما حذر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ـ حفظه الله ـ من الإرهاب وطالب الجميع بالوقوف ضده يأتي السؤال قائماً أين الدعاة والمحتسبون الذي يقفون ضد كل عمل حكومي تطويري ومثل الابتعاث وتوظيف المرأة وأمام مكاتب بعض الأجهزة الخدمية للتحدث في أمور إدارية وتنظيمية بينما هم بعيدون عن قضايا تهم أمن الوطن ووحدته واستقراره وأين هم عن كلمة الملك وتحذيره؟ وما موقف بعض خطباء الجوامع والدعاة مؤخرا وصمتهم من الحديث عن منظمات التكفير والتفجير إلا دليل على ذلك وهذا ما ردده بعض مسؤولي وزارة الشؤون الإسلامية وكأنهم يقولون الأمر فوق طاقتنا، بينما يفترض أنهم هم أصحاب الأمر ومن يملك تعيين الخطيب وصرف رواتبه ومحاسبته أو عزله. وهنا لابد من وقفة صادقة، فإما أن نكون أو لا نكون، ويجب فتح الحوارات بصدق ووضوح وتوعية المجتمع بشمولية. وإذا لم نتجه إلى من يثير الفتنة ضد الوطن ويشحن الشباب ويجيشهم ضد وطنهم فإننا لا نفعل شيئا وإذا لم نفعل شيئا الآن فلن نفعل ذلك لاحقاً وعندها يطبق علينا الخطر ـ لا سمح الله. ولعلنا ندعو الله سبحانه وتعالى بالرحمة والغفران إلى الدكتور غازي القصيبي والدكتور محمد الرشيد وغيرهما ممن تعرضوا لأشكال من التهديد والتخوين والإساءة وحذروا وكتبوا وتحدثوا وها نحن نشهد ما حذروا منه وقبلهم رجل الأمن الأول الأمير نايف بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ حينما حذر من الجماعات الحزبية ووقف بحزم ضد الإرهاب بداية بحركة جهيمان ومرورا بحوادث في الحج والخبر والعليا وانتهاء بموجة الإرهاب التي نعيشها حاليا وما كان ينادي به بأن الفكر لا يواجه إلا بفكر والحجة بمقارعة الحجة. وأدعو هنا باقتراح لتكوين لجنة من الجهات المعنية لوضع خطة عمل لتفعيل ما جاء في كلمة الملك للعالم وكلماته ـ حفظه الله ـ للعلماء بما يوافق الحال ويتلاءم مع خطورة الوضع ويرصد لها الإمكانيات اللازمة للقيام بالدراسات واستطلاعات الرأي واستنهاض الهمم وتوظيف القدرات الدعوية والثقافية والأكاديمية والفكرية والإعلامية واستخدام مختلف الوسائل والطرق وأهمها ما يوجه للناشئة والشباب باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مدروس وعميق ومخطط له بتوجيه وعمل موحد من كافة الجهات المعنية، كما أنه من الأهمية فتح الحوار مع المتشددين وأصحاب الرؤى المختلفة ومبارزتهم الحجة بالحجة والذين لهم مواقف معترضة مع وجهة النظر الإسلامية المعتدلة، ويمكن لعلمائنا المعتبرين كشف الأمور وتوضيح الحقيقة للرأي العام لأن هؤلاء لهم شعبيتهم ويؤثرون في الرأي العام بحيث يتم مقارعة الحجة بالحجة ولا يقضى على الفكر إلا بالفكر كما قال بذلك الأمير نايف ـ رحمه الله. وأذكر قبل عدة أشهر أنني شاركت في أحد لقاءات الحوار الوطني واقترحت إحضار هؤلاء ومثلهم من يحتسبون ويتجمهرون ويرسلون مقاطع لجلوسهم وانتظارهم لتبليغ رسالتهم وهي أمور خلافية تتعلق بالابتعاث وتوظيف المرأة وغير ذلك بحيث يتم تبيان أصح أقوال العلماء ووجهة نظر الدولة في الأمر والحاجة التنموية والاقتصادية لتطوير المجتمع وفتح مجالات التعليم والتدريب والعمل الشريف لمختلف فئاته وإقامة الحجة بالحجة ولكن مقترحي لم يجد القبول بحجة وهي الاعتراف بوجودهم وإعطائهم الشهرة التي يريدون. وقد يكون هذا الكلام مقبولاً لو أنهم غير مؤثرين وليس لهم شعبيتهم بين الشباب وبالذات في وسائل التواصل الاجتماعي ولكن الواقع غير ذلك. ومثل ذلك برامج الحوار مع الموقوفين لأن الاستمرار في بث مثل ذلك وتكراره مع مناقشة العلماء لهم سيكون لذلك أثر كبير في القضاء على الأفكار المتشددة وتبيانها للشباب. وقد يقول قائل إن أسلوب اللجان قد يطيل الأمر ويضعفه ويدخلنا في دائرة البيروقراطية، لكن هذا الأمر بالذات لابد له من لجنة لأنه لا توجد مثلا هيئة عامة لمكافحة الإرهاب كما هو في حالة مكافحة الفساد مثلا أو لجنة وطنية لرعاية الفكر والسلوك لأن الإرهاب وأسبابه وطرق التعامل معه مشكلة متشعبة يتداخل معها الأسباب والعلاج من كافة الأوجه الدعوية والتربية والثقافية والإعلامية والاجتماعية وغيرها ولايوجد حتى الآن لجنة عامة للتنسيق والمتابعة بين الأجهزة المعنية أسوة مثلا باللجنة العامة لمكافحة المخدرات، فلعل ذلك مفيد لتنسيق الجهود بين الأجهزة الحكومية المعنية لمكافحة الإرهاب ومحاربته أو إنشاء هيئة عامة لمكافحة الإرهاب الذي نجحت فيه وزارة الداخلية بمحاربة الإرهاب نيابة عن العالم وقدمت أروع الأمثلة في تأمين أمن الوطن وسلامته.