ذهبت تلك الأيام التي كانت تشتعل فيها أكف المعجبين والمعجبات من جماهير الكرة بالتصفيق للمدهش الموهوب الانجليزي بول جاسكوين ولا غرو فقد كان وقتها هدفاً للعديد من أندية إنجلترا وبالفعل فقد انتقل بين أندية نيوكاسل يونايتد وتوتنهام ولاتسيو ورينجرز حيث كان النجم المفضل للكثيرين .. ثم جاء كأس العالم 1990 حينما حفر لنفسه اسماً لدى جماهير الكرة الانجليزية بعروض ساحرة أسرت قلوب تلك الجماهير التي لازالت تتجرع ذكرياتها حينما بكى وأبكى معه الملايين من الشعب الانجليزي بعد خروج منتخب إنجلترا من مونديال إيطاليا عقب الخسارة من منتخب ألمانيا في آخر مرة وصل فيها منتخب إنجلترا لنصف نهائي المونديال عام 1990 لتكون أحد أكثر اللقطات المحزنة في مسيرة جاسكوين كلاعب ....الآن غربت شمس تلك الأمجاد وانتهى كل شيء لشبح إنسان رث الثياب ..غائب العقل .. تائه النظرات ..سقيم الجسم ..مسلوب الإرادة يعيش معظم أوقاته بين أقبية الشرطة وغرف التأهيل الطبي بعد أن أصبح ريشة تتقاذفها رياح الإدمان ..
لم يعد جاسكوين ذلك الرجل الذي كانت تقف له الجماهير إجلالا وتقديرا في المدرجات ..لم يعد ذلك الرجل الذي كانت تطارده الصحافة بفلاشاتها ..لم يعد ذلك النجم الكبير الذي كانت تتهافت وتتزاحم حوله الجماهير تتوسل الحصول على توقيعاتهم على الأوتجرافات والأوراق والملابس .. منذ سنوات استسلم جاسكوين للمسكرات ..سقط في براثن الإدمان .فاتجه الى المصحات الطبية ومراكز إعادة التأهيل حينما سائت حالته ..ولكن ما إن يتلقى علاجا مكثفا ويسترد جزءا من صحته حتى يعود أكثر إصرارا على الانغماس في وحل الشراب ..المصحات التي استنجد بها للعلاج لم تقتصر على إنجلترا بل تجاوزت الحدود وتحديدا إلي الولايات المتحدة حيث المراكز المتخصصة ..ولكن كل ذلك انتهى الى لاشيء .انتهى لرجل ضعيف مسلوب الإرادة اختار تحت سبق الإصرار والترصد تسليم نفسه للدمار والضياع .. جاسكوين الذي كان بجانب جاري لينكر أبرز نجوم الأسود الثلاثة لم يكن يدري أن حياته بعد ذلك ستدمر وستدمع الأعين على الحال الذي وصل إليه الآن. لاعب توتنهام هوتسبر السابق بدأ يجري وراء ملذاته من إدمان الكحوليات والمخدرات بمختلف أنواعها مما أدى إلى طرده من النادي اللندني وواجهته أيضاً نفس المشاكل مع أندية لاتسيو وميدلسبرة ورينجرز الأسكتلندي. وقد اعتزل كرة القدم عام 2004 في محطته الأخيرة محترفا لنادي بوستون يونايتد الأمريكي وكان قد جنى الكثير من الأموال من لعب كرة القدم، ولكنه فشل في أن يصبح معلقاً أو محللاً كروياً نظراً لمشكلة في مخارج النطق لديه والبطء في الحديث، ليقرر اللجوء إلى ما يعشقه، عالم المخدرات ليس كذبون فقط، بل كتاجر أيضاً. وقد تدهورت صحته وكان قريباً من الموت عدة مرات بسبب إدمانه للكحوليات، أيضاً تم التشكيك في قواه العقلية عندما اعتدى بالضرب على أحد مراسلي التلفزيون ذات مرة، قبل أن يعتدي على زوجته بضرب مبرح تحت تأثير الكحوليات مما أدى إلى انفصالهم. حياة جاسكوين تدهورت حتى وصل الأمر إلى دخوله عالم تجارة المخدرات في هولندا، وبعد أن خسر أغلب أمواله في لعب القمار والكحوليات وتدهورت حالته الصحية، وصل الأمر بجاسكوين بأنه لا يملك حالياً حتى منزلا خاصاً به. في الأسبوع الماضي شوهد هائماً على وجهه ضعيف البنية .. مهترئ الثياب ..زائغ العينين .. تكاد تحمله ساقاه وهو يسير مترنحا يتخبط هنا وهناك وهو في الشارع العام متأبطا زجاجة وعلبا من المسكر .. جيرانه في الحي الذي يقيم فيه أنه ظل في حالة شراب استمر لثلاثة أسابيع في شقته المؤجرة .. وحينما حاولوا تفقد ظروفه وجدوه في حالة يرثى عليها فغرف الشقة معطونة بالبول والقيء ..قال أحدهم إنه ظل في حالة شراب متواصل طوال ثلاثة أسابيع ..وقال آخر إنه شاهده وهو يعب الخمر من الزجاجة مباشرة وهو ملقى على سريره فاتصل بالإسعاف لإنقاذه .. ولكن الإسعاف والعلاج أصبحت حلقة مفرغة تدور حول نفسها فقد أصبح لاعب وسط الدولي الشهير(47 سنة) موبوءا بإدمان الشراب وتعاطي المخدرات وقد شوهد الأسبوع الماضي وهو يضع يده على رأسه في حالة من الضياع والتشرد يرثى لها ويتوسل أحد الأصدقاء قائلا .."أواجه مشكلة عويصة. وفي أمس الحاجة لمساعدة ..أرجوك لا تتأخر ".. التقارير تتحدث أيضا أن جاسكوين يواجه مشكلة كبيرة في السكن في وسط مدينة بورنماوث فقد هدده صاحب العقار الذي يبلغ إيجاره 3 ملايين جنيه إسترليني للطرد الى الشارع نزولا على شكاوى كل جيرانه للضوضاء الصادرة من شقته، حيث قدم له إنذارا لإخلاء الشقة .. ولكن مدير الشركة التي تشرف على العقار نفى أن يكون المالك يخطط لطرده بل قال إنه لن يجدد له العقد الذي ينتهي في 13 سبتمبر المقبل .. وفي هذا الصدد أعلن زميل قديم له كريس وادل الذي لعب بجانبه في مونديال 90 مساعدته .. أما زميله الآخر جاري لينكر فقد أعاد الكرة الى مرمى جاسكوين قائلا "لقد ساعدناه أكثر من مرة وعليه أن يساعد نفسه أولاً".