|


فهد عافت
صناعة القراءة
2016-10-28
تريد أن تقرأ؟، أن تُجالِس كتباً؟، وأن تصبح لك مكتبة؟، الحكاية ليست صعبة، أقول الحكاية ولا أقول المسألة، وأول الأمر أن تعتبرها كذلك، أن تنقلها من دفتر الحساب إلى دفتر القصص!، لندخل في الموضوع بشكل عملي، كثير منا لديه هذه الرغبة، لديه القدرة أيضاً، لكنه لا يعرف الطريق، تَعُوزه معرفة من أين يبدأ؟، عن خبرة وتجربة وممارسة طويلة وتأمل، أزعم أن لديّ جواباً، ارجع إلى أول عشر كلمات في هذه المقالة، تجد ثلاثة أسئلة، يبدو أنها مرتبة ترتيباً طبيعياً، هنا يكمن الخطأ!، اقلب الطاولة، واعكس ترتيب الأسئلة، تكون قد بدأت بداية صحيحة، وموفَّقة بإذن الله،.. أوّل الأمر أن تكون لديك مكتبة، مُكتملة البناء، دون كُتب كثيرة، أو دون كتب بالمرّة، لا تقلق، اختر مكاناً في بيتك، غرفة أو زاوية، أو ممراً، لا تهتم للحجم كثيراً، ثق أنه يمكن لك، غالباً، تجهيز مساحة تحتمل 500 كتاب، لا تظن أنه رقم بسيط، أغلب من تسمع منهم وتقرأ لهم، لم يقرأوا نصف هذا العدد من الكتب!، القُرّاء الكبار قِلّة، ويمكنك بعد 5 سنوات من تجهيز مكتبتك أن تكون أحدهم، لا قراءة 300 كتاب عملية سهلة وبسيطة، ولا قراءة 10000 كتاب عملية صعبة ومُعقّدة!،.. القارئ قد لا يحتاج إلى بناء مكتبة، لكن غير القارئ فيما لو أراد أن يكون قارئاً، هو من يحتاج ذلك!،.. حتى لو كنتَ كريماً، الضيوف لا يأتون دون مجلس، وحتى لو لم تكن كريماً فإن وجود المجلس يُبقي احتمالية حضور الضيوف قائمة!، المكان أولاً، هيّئه، مهما كان صغيراً وبسيطاً، سيكون كافياً ومناسباً بإذن الله، لا تقل عندي كتابين أو ثلاثة وأن الأمر لا يستحق مكتبة، اعكس الفكرة، لتصبح: لدي 12 رفّاً، وعليّ أن أملأها بكتب تروق لي، وانتبه لحكاية الامتلاء هذه، حاذر أن تملأ رفاً بالكتب إلى الدرجة التي تعيق قدرتك على سحب أي كتاب من الرّف بسهولة، لا تحشر الكتب حشراً، المكتبة ليست مخزناً، هذه واحدة من أهم آدابها، تذكر دائماً أنها ليست مخزناً!، وفي هندستك لمكتبتك، ضع هذه القاعدة أمام عينيك: كل ما يقرّبني ويسهّل من قدرتي على تناول الكتاب وإعادته، هو أمر جيّد، وكل ما يعيق هذا الأمر، ولو بنسبة بسيطة جداً، هو أمر سيّئ، وغير مناسب، ومرفوض، مهما كانت قدرته على منح المكان بريقاً وهيبة وأماناً، من هذه الأمور التي لا أنصح بها: الرفوف ذات الأبواب المغلقة!، لا تخف على مكتبتك من الأولاد أو الزّوّار، على الأقل لا تخف عليها للدرجة التي تجعلك تحمي هذه الكتب حتى من نفسك!، علّم أولادك احترامها، ولا تهددهم بضرورة عدم الاقتراب منها، هي لهم أيضاً وهذا مهم، ولا تخجل من تنبيه زوّارك إلى ضرورة الاستئذان في مطالعة الكتب، وإياك أن تعير كتاباً!،.. لديّ أقوال أخرى: ليكن المكان الذي تختار جعله مكتبة، قريباً جداً من مكان جلستك المفضّلة في البيت، وإن قدرت على تحويل جلستك المفضلة نفسها إلى مكتبة فهذا أروع، تذكر: مهما كانت المساحة صغيرة، لا يهم، مكتبة حيّة بمائة كتاب أفضل من مكتبة ميّتة بخمسين ألف كتاب!، تريد أن تقرأ، الخشب والمسامير أولاً، وليس الكتب!، هيّئ مكاناً لا يصلح لغير الكتب، ولسوف تشتري له الكتب، وعندها ستكون احتمالية القراءة قائمة في أي لحظة، ولسوف تقرأ،.. أختم بكلمة: رتّب مكتبتك كما تشتهي أنت لا كما يُقال لك، لا تقل هذا رف الروايات وهذا رف الفلسفة وهذا رف دواوين الشعر، إلا إن كنت فعلاً تريد للأمر أن يكون كذلك!.