|


سعد المهدي
ذائقة الجمهور.. التصنيف الأهم
2017-01-15

التقنية والأرقام عدوان للإحساس والذائقة، تصور أن  تحدد معادلة رياضية جامدة تضعها لجنة لاختيار العمل الإبداعي الأجمل، أو أن  تفرض على الحميع بأن هذه هي  الرواية أو القصيدة  الأولى، أو الفيلم أو اللوحة أو العرض الفني أو الرياضي الأول من بين كل الأعمال على المستوى المحلي أو العالمي!

منتخب البرازيل نجا من آلة معايير التصنيف العمياء بأن حصل على اثنتي عشرة مرة على لقب منتخب العام الذي ينسج خيوط نتائجه  شهرياً الـ(فيفا) بحسب معادلة رياضية من أربعة معايير كأكثر المنتخبات حصولاً على هذا الترتيب، يليه المنتخب الإسباني بست مرات فقط، إذ لم يكن مقبولاً ذائقة وعشقاً وتاريخاً أن تغيب البرازيل عن المشهد بالرغم من أن هذه المعايير تسقط شهرياً من  حساباتها منتخبات عريقة مثل البرازيل وغيرها وترفع أخرى هزيلة،  لكن الجماهير لا تؤمن كثيراً غير بإحساسها تجاه من تميل إليه وتعجب سواء كان منتخباً أو نجماً. 

 

هذا لا يعني عدم الاعتراف بنتائج  التصنيف، لكن في حدودها، أيضاً لابد من التجاوب مع متطلباته فمثلاً يمكن أن  تؤثر نتائج التصنيف في تحديد مواقع المنتخبات في القرعة، وتوزيع المجموعات في البطولات القارية والتصفيات العالمية، كذلك ينظر إليه في الانتقالات البينية للاعبين وعند التعاقدات مع المدربين، ويمكن من أجل الحصول على تصنيف أفضل آخذة في الحسبان عند وضع برامج الإعداد أيام (الفيفا) لكن دون تقديمه على الأهم وهو إعداد منتخب بما يتناسب مع حاجته التنافسية التالية التي يمكن لها أن تقفز به إلى مرتبه أفضل  لتصبح قيمة مضافة مع  إنهائه مهمته بنجاح. 

 

أفضل مرتبة حققها المنتخب السعودي في جدول التصنيف كانت الـ 21 وذلك في شهر يونيو2004 مع مشاركة تعيسة في كأس أمم آسيا في الصين ذلك العام وتضاربت عدة تقارير إعلامية في تحديد هذه المرتبة والعام الذي تحققت فيه، وأدناها كان في 2012 حيث المرتبة الـ 126 أيضاً بعد فراغنا من مشاركة آسيوية أتعس 2011 في الدوحة، وفي هذا الشهر الميلادي الجاري المنتخب في الترتيب 48 بعد مشاركة ناجحة في تصفيات كأس العالم روسيا 2018، لكن الأمر تطلب سلسلة حلقات من الفشل للسنوات الأربع الماضية خسر فيها المنتخب التأهل لمونديال البرازيل وسقط آسيوياً في أستراليا وخليجيا في البحرين والرياض.كذلك كان المنتخب خلالها حقل تجارب فنية وإدارية وصل حد العبث واللامسؤولية في بعض مواقفه.

 

المساران اللذان يمكن أن يعمل عليهما أي اتحاد كرة في العالم هما تحضير المنتخب من أجل تحقيق الإنجازات وتبوؤ الترتيب الأفضل في التصنيف، لكن الجماهير ستظل وفية لذائقتها، لمن يثير فيها الحماسة ويحصد الإعجاب ويحقق الإعجاز على العشب أولاً وثانياً وثالثاً، للموهبة ولعازفي الدهشة ومن يرسمون الجمال ويحصلون على  البطولات والذهب دون النظر لمعايير(فيفا)  الأربعة، وإصداره الشهري أو السنوي.

 

تصنيف العمل الذي يوصف بالناجح لتطابق الشروط الرسمية لا يعني في مثل هذه الحالة المصادقة الجماهيرية عليه .. المستهلك  قد يقرأ ما على العلبة من معلومات لكن لن يحكم على السلعة إلا بعد استهلاكها فعلياً ومعايشتها زمناً طويلاً حتى يمكن له أن يحدد شعوره تجاهها.