|


مساعد العبدلي
لا خسارة بشرف
2017-01-16

ـ أعتقد أن من أهم أسباب تردي الرياضة العربية (الخليجية تحديداً) وبقائها متخلفة عن ركب المنافسة العالمية هو أننا (كعرب وخليجيين تحديداً) لا نملك الطموح الكافي ولا نهيئ أبطالنا (على الصعيد المعنوي) بشكل جيد.

 

ـ لا أتحدث هنا عن كرة القدم فقط، بل عن كل مجالات الرياضة.

 

ـ عندما يذهب العرب (ونحن من ضمنهم) إلى المحافل العالمية الكبيرة (نهائيات كأس العالم في كل الفئات وكل الألعاب أو الدورات الأولمبية)، فإننا قبل السفر نتغنى لعدة أشهر (بشرف) التأهل.

 

ـ ننسى أو نهمل قبل السفر إعداد لاعبينا (نفسياً) بالشكل المطلوب الذي يساعدهم على المنافسة؛ لأننا نكتفي (بإشعارهم فقط) بشرف التأهل دون أن (نحاول حتى) أن نغرس فيهم مفهوم المنافسة.

 

ـ يذهب الأبطال العرب للمحافل العالمية بفكر (شرف التأهل) ثم يتحول الأمر إلى (شرف المشاركة) لدرجة أننا نتداول عبارة (خسارة مشرفة) عندما يخسر لاعب أو منتخب عربي من لاعب أو منتخب متقدم في اللعبة التي شارك فيها.

 

ـ يعود الرياضيون العرب (منتخبات ولاعبين) من المشاركة الدولية ونبقى نمتدح مشاركتهم مرددين العبارات ذاتها (شرف التأهل والمشاركة) و(الخسارة المشرفة).

 

ـ تظل الأمور كما هي حتى يحين التنافس على المشاركة في البطولة التالية لنفرح مجدداً (بشرف التأهل ومن ثم المشاركة).

 

ـ هكذا تستمر الأمور دون أن نكون قادرين على المنافسة.

 

ـ أفهم أن يحدث ذلك قبل 3 أو 4 عقود عندما كانت الدول العربية في بداية دخولها للرياضة بشكل عام في وقت كان العالم قد سبقنا وبالتالي من الطبيعي جداً أن يسبقونا ويتفوقوا علينا.

 

ـ لكن يجب ألا يستمر هذا التفوق فنحن نملك المواهب والإمكانات المالية والبشرية التي تجعلنا قادرين على صناعة الأبطال ومن ثم المنافسة بشرط أن نكسر حاجز (التقليل) من قدراتنا وأننا دوماً نكتفي بشرف التأهل والمشاركة وأن غيرنا يتفوقون علينا وأن خسارتنا أمامهم شرف.

 

ـ شخصياً.. لا أؤمن بمفهوم (خسارة مشرفة).. في الرياضة هناك فوز وخسارة (وأحياناً تعادل).. التاريخ يقول إن هذا الرياضي أو الفريق أو المنتخب قد خسر المنافسة لكن لا يمكن للتاريخ أن يقول إنه خسر (بشرف) لأن الخسارة هي خسارة في نهاية الأمر.

 

ـ الأهم أن تستفيد من خسارتك وتسعى لمعالجة سلبياتك وتعود للمنافسة وتحقيق الإنجازات.

 

ـ سأعطي مثالاً لوجهة نظري في هذه المقالة وسأختار كرة اليد؛ لأن نهائيات كأس العالم تجري هذه الأيام في ضيافة فرنسا.

 

ـ منتخبات كروسيا وفرنسا وإسبانيا والدول الإسكندينافية متقدمة جداً في لعبة كرة اليد لكن لا يمكن (بل ويجب) ألا نقارن وضعنا التنافسي معها (اليوم) كما كان قبل 3 عقود أو 4.

 

ـ في الزمن القديم كنا حديثي عهد باللعبة ونتقبل الخسارة من هذه المنتخبات بل نعتبر مواجهتها بمثابة معسكرات إعداد لمنتخباتنا.

 

ـ لكن طالما استمر تفكيرنا يدور في مفهوم (خسارة مشرفة)، فإننا سنبقى حيث نحن وهم يتطورون.

 

ـ تصوروا أننا (كعرب وحتى اليوم).. نفاخر بأننا نخسر أمام هذه المنتخبات بفارق أهداف لا يزيد على 10 أهداف.

 

ـ طبعاً أستثني المنتخبين المصري والتونسي القويين جداً في هذه اللعبة والمنتخب القطري لأسباب يعرفها الجميع.

 

ـ من المفترض كخليجيين (وفقاً لإمكاناتنا المالية) أننا تطورنا بشكل كبير، بل بشكل أسرع مما يتطورون هم لدرجة أننا نستطيع (مقارعتهم) والخسارة منهم بفارق ضئيل (اليوم) بشرط أن نفكر بالفوز عليهم في (الغد) وألا نظل (نفتخر) بالخسارة أمامهم ونصفها (بالمشرفة).

 

ـ الأمر ذاته ينطبق على كل الألعاب وليس كرة القدم فقط.

 

ـ يجب أن (نثق) بقدراتنا ومواهب لاعبينا ونستثمر قدراتنا البشرية والمالية لكي نصنع أبطالاً ومنتخبات تحضر بقوة للمنافسة وليس من أجل (شرف التأهل والمشاركة) أو الاحتفال (بخسارة مشرفة) لا وجود لها في قاموس الرياضة والإنجازات.