|


سعد المهدي
غبريس لمن لا يعرفه
2017-02-16

كان يمكن أن يتحول (الصحفي سعيد غبريس) إلى (رجل الأعمال أو الثري غبريس)، لو أن البعض من الذين كانوا يتتبعون بارتياب وشك رحلاته إلى دول الخليج، التي لم تنقطع لأكثر من 30 عامًا مضت، لو لم يكذبوا بقولهم إنه ليس أكثر من مستفيد يخفي وجهه بقناع الصحافة، وأشهد الله أنه ليس إلا صحفي، ولم يكن ولا يريد أن يكون أكثر من ذلك.

 

لم تكن مشكلة الساحة الخليجية الإعلامية أنها كانت مفتوحة على كل الجنسيات العربية وغيرها، فتلك ميزة، بل في ضعف قدرة المسؤولين عن وسائلها وعن الرياضة التمييز بين الصحفي الذي يمكن أن يضيف، والآخر الذي جاء للاسترزاق وحسب، كذلك خلط الوسط المهني بين الصادق والأقل صدقًا، والمنافق والمجامل أو الكذاب، ووضعهم جميعًا في سلة واحدة عند الحديث عن أسماء صحفية عربية، عاشت مراحل البدايات وساهمت فيما شهدته الساحة الإعلامية والرياضية الخليجية من تطور فيما بعد. 

 

التقط فرصة الكتابة عن الصحفي العربي الكبير سعيد غبريس، التي ما كان لها أن تعز على صحفي أفنى جل حياته الصحفية يكتب عن الشأن الرياضي، بلا حدود فاصلة، عكس التقلبات السياسية، وغير مبالٍ بها بعد أن اطلعت على ما كتبه الزميل محمد الجوكر نائب رئيس تحرير البيان الإمارتية عن (غبريس)، الذي ظل وفيًّا لمهنته وقناعاته الشخصية، بأن دول الخليج العربي الأكثر حضورًا وتأثيرًا في الحراك الرياضي، والأحق بتتبعها بما تستحقه نظير التحولات الكبرى في حركتها وديناميكيتها المطردة، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه أيضًا بمثل الإسهام والمشاركة لغبريس وغيره من الذين لا يمكن تجاهلهم. 

 

أجدها فرصة لأشكر (الجوكر) لأنه أثارني للكتابة عن العزيز (غبريس) من خلال احتفائه به، المنشور في (البيان)، سرد فيه سيرة (غبريس) الصحفية، وعده عميد رؤساء تحرير الصحف والمجلات الرياضية، من خلال 35 عامًا كان خلالها رئيسًا لتحرير مجلة (الوطن الرياضي)، والتي تغير اسمها فيما بعد إلى (الحدث الرياضي)، واشتهرت طوال تلك الفترة بتخصيص جوائز الحذاء الذهبي لهداف العرب، والكرة الذهبية لأفضل لاعب عربي، والصافرة والراية الذهبية لأفضل حكمين للساحة والمساعدين، والتي كانت محل فخر الفائزين بها ولجماهيرهم وإعلامهم.

 

كان البعض مع الأسف ينظر إلى أن المجلة ورئيسها إنما كانا ينظمان مثل تلك الجوائز فقط للاستفادة من مردودها المالي والتقرب إلى دول بعينها، يحرصون على أن تكون الجوائز من نصيب نجومها، لكن ذلك لا يمكن أن يقال ولو من باب الغيرة المهنية أو الضغينة الشخصية، إلا أنه كان يفتقد أولاً لفهم دور العمل الصحفي والتسويقي، ثانيًا أن مروجيه لم يحرصوا على التعرف على القيمة الصحفية العالية والخبرات المهنية وتنوع التجربة التي حمت (غبريس) من جهل بعضهم، وتجني بعضهم الآخر، وجعلته إلى يومنا هذا في القلب من كل أوساطنا الإعلامية والرسمية الخليجية رغم كل ذلك. 

 

الزميل بدر الدين الإدريسي رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية أيضًا قال معلقًا على ترحيب الزميل الجوكر بغبريس ضيفًا في إحدى المناسبات الإعلامية في دبي: "أتمنى من كل مؤسساتنا العربية الناشطة في مجال الإعلام بمختلف أجناسه وصنوفه، أن تتنبه إلى تراثنا الصحفي الرياضي، فتكرمه وتوثقه، فهو خزانة إذا ما رحل رموزها احترقت". وللتذكير، فإن العزيز أبو سلطان محمد الجوكر يعد أرشيفًا صحفيًّا كبيرًا لعل الوقت والظروف يساعدانه للبدء في تزويد المكتبة الرياضية بسلسة إصدارات، تحفظ بعضًا من جوانب تاريخ الإعلام والحركة الرياضية، ولو من باب معايشته وذكرياته معها. 

 

أما الصحفي الكبير سعيد غبريس والذي أعتز بعلاقتي معه حد الصداقة، فإنني أرى أن له ولمثله حق الشكر والامتنان وواجب المساندة له والاطمئنان عليه على الدوام، فهذا أقل ما يمكن تقديمه لصحفي مارس فعليًّا مهنته ولم يدَّعيها أو يحوم حولها، أو يتكسب من ورائها.