|


بدر السعيد
حين تكون العقدة هي الحل!!
2017-02-19

تسعى كل منظمة أعمال ـ أيًّا كان مجالها ـ إلى التأسيس لسياساتها وتقديم أولوياتها والإعلان عنها خلال أول اجتماعاتها بقدر الإمكان.. وهو الأمر الذي يوليه المسؤول في كل موقع أهمية.. ولعل اتحادنا الوطني لكرة القدم بوصفه من المنظمات المهمة في الخارطة الرياضية، يعد من المنظمات الحساسة في عملها، ولاسيما أن مجلس إدارته الحالي جاء بعد مرحلة سابقة امتلأت بالكثير من اللغط، وتشبعت أجواؤها بالضبابية في كثير من الأحيان.. لذا فإن اجتماعه الأول على مستوى مجلس الإدارة كان محط ترقب المتابعين بكافة مستوياتهم ومسمياتهم..

 

وقد جاء الاجتماع الأول للاتحاد حاملاً معه عددًا من النقاط والقرارات الجوهرية، التي سعى مجلس الإدارة من خلالها إلى تأسيس أهم الركائز في منهجه، بالإضافة إلى القرارات التي سيتم بموجبها التعامل الأمثل مع ما تبقى من الموسم الكروي الجاري.. وقد كان من ضمن تلك القرارات الجوهرية الأولى، رفع عدد المباريات التي يتاح للأندية من خلالها الاستعانة بالحكم الأجنبي إلى ثماني مباريات.. وهو أمر يؤكد أن الاتحاد الحالي يعاني خطورة وأهمية وضع التحكيم، وما آل إليه من تراجع وسقوط!!

 

استقبل الوسط الرياضي هذا القرار بالكثير من الاهتمام، أكثر من غيره من القرارات التي صدرت عن الاجتماع الأول للاتحاد الجديد.. وقد اختلفوا في تعاطيهم مع هذا القرار، بين مؤيد كان شعاره "من زمان أنت وينك".. وبين معارض أصبح يرى أن فرص الكسب ستتقلص مع حضور الصافرة الأجنبية..

 

ومع مرور الأيام.. قام اتحادنا الوطني "الفتي" بعقد اجتماعه الثاني، والذي كان يماثل الأول من ناحية الأهمية وإصدار القرارات الاستراتيجية طويلة المدى.. وقد كان كسابقه يشير بوضوح إلى موضوع التحكيم مجدداً.. لكنه هذه المرة اتجه إلى تطوير عملية الاستفادة من العنصر الأجنبي بشكل أكثر شمولية، إذ اتفق مسيرو الاتحاد مع السيد مارك كلاتينبيرج وهو الحكم الإنجليزي المليء بالخبرات.. حيث تجاوزت الاستعانة به في المكاتب لتمتد إلى تكليفه بقيادة عدد من المباريات باعتباره حكمًا محليًّا.. 

 

وهنا زاد المؤيدون في تفاؤلهم وارتفع سقف طموحاتهم مستبشرين بالمزيد.. بينما بدأ المعارضون في التوتر والتخبط من جراء الصدمة من هذا القرار وأمثاله!!.

 

وفي زحمة التعليق على هذه القرارات والتعامل معها، شرد فكري قليلاً، مستحضراً تلك الإسطوانة التي سمعناها صغاراً ورددناها كبارًا، والتي تنبذ "عقدة الأجنبي"، حتى بات التعامل مع الخبير يصنف عقدةً سعينا بين وقت وآخر إلى التخلص منها.. وهي أسطوانة قد نتفق معها في بعض الأحيان، لكنني أدركت أنه لا ينبغي علي أن أؤيدها بشكل كبير، إذ إن تلك العقدة "المزعومة" أصبحت حلًّا لإخفاق صنعناه بأيدينا.. إخفاق يتحمله أولئك الذين كرسوا ورسخوا فشل الحكم المحلي وسقوطه في كثير من القرارات التحكيمية التي غيرت مسار بطولات وليس مباراة!!.

 

أهلاً بالأجنبي.. أهلاً بالعقدة التي ستنفرج معها أهم مشاكل الكرة السعودية محلياً.. أهلاً بعينك الخضراء وشعرك الأشقر.. أهلاً بجواز سفرك الأوروبي بيننا.

 

أعذرني أيها الأجنبي.. فلم تكن دوافع الترحيب بك هي ثقتي بك.. بقدر ما هي فقداني للثقة في الحكم المحلي.. أما إن سألتني أيها الأجنبي عما تملكه من فروق عن مواطني السعودي، فسأقولها لك وبمرارة: إن معظم رؤساء لجان التحكيم لدينا يا "مسيو" هم عبارة عن حكام فاشلين سابقاً في قيادة المباريات!!.

 

أكتب هذه الأحرف وتفاؤلي بإصلاح حال التحكيم أكثر مما سبق.. بل وصل ذروته بعد أن سمعت وقرأت ورأيت توجهات اتحاد القدم الجديد، وهو يتعامل مع كرتنا بواقعية وشفافية أكثر.. 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن.