|


عدنان جستنية
الاتحاد أمر
2017-02-21

كان بمقدور رئيس نادي الاتحاد حاتم باعشن مجاراة رؤساء أندية النصر والأهلي والهلال، و(يتفخشر) مادياً مثلهم أمام الإعلام والجماهير، بأن ناديه "المديون" يملك الوفرة المالية التي تسمح له بطلب حكام أجانب لقيادة ثلاث مباريات تقام على أرض "العميد"، وفق آلية نظام أجازه اتحاد كرة القدم، خاصة بعدما وجد دعماً من بعض أعضاء الشرف الذين أبدوا استعدادهم لدفع تكاليف جلب هؤلاء الحكام لأسباب ثلاثة، أولها الوقوف مع إدارة النادي في هذه المرحلة الحرجة، لعدم توفر السيولة المادية لديها بعدما ورطتها الإدارة السابقة في مستحقات وديون كثيرة. وثانيًا ألا يظهر الاتحاد النادي "الكبير" سنًّا ومكانةً وتاريخًا "ضعيفًا" أمام أشقاء "أصغر" منه، وكأن هناك من يتفضل عليه، أما السبب الثالث وهو الأهم أن الاتحاد على مدى تاريخه كان وما زال أكثر الأندية الذين "تضرروا" من الحكم المحلي، إلا أن حاتم باعشن الذي يدرك أبعاد كل خطوة يقوم بها ونتائجها ـ حاضرًا ومستقبلاً ـ كان واقعيًّا بمواجهة "الحقيقة" التي يعرفها الحميع، بأن الاتحاد حاليًا يمر بأزمة مالية "خانقة"، تفرض عليه التزام الحكمة ومنطق "العقل" في طريقة التعامل مع هذا الظرف الصعب، وبمنتهى "الذكاء" الخارق، بأسلوب خالٍ من المظاهر "الخداعة" القريبة مع المثل القائل "من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله"، إنما تتوافق مع رؤية صادقة تقدر المسؤولية وتهتم بتوفير أجواء آمنة تعيد هيبة النادي واستقراره الفني والإداري والمالي.

 

ـ باعشن الرئيس "المتواضع" الواقعي، منذ أن تولى قيادة هذا الكيان العملاق لم ينجرف خلف "المظاهر" الكذابة أو التصريحات الرنانة، أو بطولات إعلامية، القصد منها "الفخفخة" الزائدة، فالكل يتذكر قراره "الشجاع" الحكيم حينما امتنع عن تسديد قيمة مستحقات الرخصة الآسيوية التي تجيز لنمور آسيا المشاركة في بطولة قارية، وذلك من منظور وضع مالي وفني غير مناسب للمجازفة والمخاطرة، والتي قد تؤثر على سمعة "العميد" بمشاركة ضعيفة تفقده تلك المكانة الدولية والقيمة الأدبية، وهو الملقب بـ"ملك آسيا" الذي حصله عليه من أعلى سلطة كروية في العالم، وهو الاتحاد الدولي لكرة القدم.

 

ـ حينما يصدر رئيس نادي الاتحاد أمراً بموافقة أعضاء مجلس إدارته، فإنما هو أمر موقع باسم نادي الاتحاد لما فيه مصلحة الكيان الكبير، فالاتحاد باسمه ومكانته وشعبيته الجماهيرية وتاريخه العريض "رمز" لا يخنع لأوامر الأندية الأخرى ورغباتها، ولا يخضع للأشخاص وانتماءات ذاتية تطغى عليها "الأنا"، حاول البعض ارتداء ثياب "المشيخة والإمارة"، إلا أنها لم تكن تليق بهم لأنها تتناسب مع تكوينات ومظاهر نادٍ "شعبي" نشأ وسط الحارة وترعرع وتربى في أحضان محبيه؛ ولهذا لا عجب إن أصدر باعشن قرارًا ممثلاً في رمز "الاتحاد" رافضاً قبول أي محاولات لطلب حكم أجنبي لقيادة ثماني مباريات أو أقل، وفقًا لمعطيات تخص واقعًا مريرًا يمر به ناديه، لن يضحك على نفسه والجماهير والإعلام، ناهيك عن أنها "فرصة" ثمينة وجدها ليصطاد بها ثلاث عصافير من خلال قرار "الاتحاد أمر"، أولها كسب ثقة الحكم المحلي من خلال تصريح قوي جدد الثقة في الحكم السعودي، وهو تصريح مثالي لم يسبق لرئيس نادٍ أن أطلقه بهذه الفخامة، والعصفور الثاني التوفير المادي على خزينة نادٍ يشتكي من الديون، والعصفور الثالث الاستفادة من دعم أعضاء الشرف فيما هو أهم، وبالتالي كسب ثقتهم وثقة الجماهير دون أي اعتبار لتفسيرات وتأويلات قد تصدر من الأندية المنافسة عبر تصريحات أو بيانات، مثلما حدث أخيرًا من نادي الهلال وقبله الأهلي والنصر، إذ إن فلسفة "باعشن" في هذا الجانب، وفي مثل هذه الحالات ينطبق عليها المثل القائل: "إللي تغلب به العب به"، (وشامخا واثق الخطوة يمشي ملكا).