|


فهد عافت
الفن ليس لوحة إرشاد!
2017-02-22

ـ في العمل الفنّي، الغموض ضرورة فنيّة، يمكنني القول أنه قَدَر فنّي!.

 

ـ المكشوف الواضح، لا يدلّ على غير سلبيّاته!.

 

على سهولته لا على بساطته!.

 

يدلُّ أيضاً على مَرَض من يتلقٌاه بحبور، مَرَضاً فنيّاً وأدبيّاً، خللاً في العاطفة الفنيّة أو في الأخلاق الفنيّة!.

 

خاصّةً حين يدافع هذا المُتلقّي عن رأيه إلى الحدّ الذي يطرد معه كل عمل فني أو أدبي لا يكشف عن خباياه من أول مرّة، ودفعةً واحدةً بحيث تكون هي المرّة الأولى والأخيرة في نفس الوقت!، لأنها سريعة بحيث لا تحتمل أن تكون حتى مرّتين!.

 

ـ مثل هذا المُتلقّي مريض فنيّاً، لا يُستحبّ التهكّم منه أو الازدراء عليه، يكفي الدّعاء له بالشفاء والصِّحة الفنيّة!. 

 

ـ أقترح الدعاء له وأتحفّظ على دعوته!، على الأقل لا يجب دعوة كثيرين ممن هم مرضى فنيّاً، لأن وجود عدد منهم يتسبب في حالات هَرَج ومَرَج يصعب معها حتى على الأصحّاء فنيّاً التّأمّل والتدبّر والمُعايشة!..

 

يحدث هذا في كثير من أمسيات الشعر والموسيقى والمسرح ومعارض الفن التشكيلي!. 

 

ـ والأهم من هذا أنه لا يجب، أبداً ومُطلقاً، على الفنان أن يدعوهم في ذاكرته، أو يُجلسهم على أصابعه، تحت وطأة كثرتهم، أو بحجّة استقطابهم، وهذه الأخيرة حجّة ليست واهية فقط، لكنها كاذبة ومُخزية!..

ـ لا أظن أن فناناً حقيقياً يمكنه أن يقول: أنْزِلُ إلى الناس لكي أرتفع بهم!.

 

هذه مقولة تجّار يروّجون لسلعة، أو سياسيين يطلبون أصواتاً، وليست مقولة فنانين!..

 

ـ المُتلقّي الحقيقي مُرتفع أصلاً، وحلم الفنان الحقيقي أن يصل إليه، هذا الذي تراه في دَركٍ أسفل، ليس متلقيّاً، ولا أنت فنّان طبعاً: الحكاية هنا حكاية زبون وتاجر!..

 

ـ المكشوف دون قطرة غموض، الواضح دون حبّة مِلح من الالتباس، يبدو من الخارج مريحاً ومسليّاً، بل وديموقراطيّاً!، لكنه في حقيقته تدليس، وديكتاتورية بشعة!..

 

ـ العمل الفني الذي لا يحتمل غير معنى واحد، يجتمع عليه أقل الناس مهارة وأكثرهم فطنة ونباهة، نعم هو يساوي بين الجميع في شكل يبدو ديموقراطياً، لكنه لا يُجلس الناس مجالسهم أبداً!.

 

ـ المساواة ليست عدلاً بالضرورة!.

 

ـ وهذا الشكل الذي يبدو ديموقراطياً، هو كذلك من الخارج فقط، أما من الداخل فهو ديكتاتوريّة قامعة، فالفنّان هنا "ولنعتبره كذلك مجازاً"، وعبر مُنْجَزِهِ هذا، أخذ مكان كل واحدٍ منّا، أخذ أمكنتنا بالمعنى الحرفي للكلمة، لم يترك لأحدٍ منّا شيئاً يقوله أو يتأمّله أو يحلم به!..

 

ـ من بين كل أهل الفن، ويا للمفارقة، يمتلك الأقل موهبة، والأكثر سفاسفاً، القدرة على الدفاع عن أعمالهم، أكثر بكثير مما يمكن للفنان الحقيقي فعله!..

 

ـ الفنّان الحقيقي ينجز عمله "ويسهر الخلق جرّاها ويختصمُ"!..

 

ـ لوحة الإرشاد ليست فنّاً!.