|


وحيد بغدادي
ذو.. (الوجهين)!!
2017-03-16

 

أغلبنا يؤمن بقوله تعالى: {فاستقم كما أمرت}.. لا "كما رغبت"، ولذلك مهما كانت رغباتنا في الدنيا، يجب أن نحافظ على مبادئنا لنسعد في آخرتنا، ولكي لا نسقط في مستنقع التنازلات وننحدر في وحل الخطايا.. الحرام يبقى حراماً حتى لو كان الجميع يفعله!! دعك منهم فسوف تُحاسب وحدك {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}.. اجعل اهتمامك بشخصيتك أكبر من اهتمامك بسمعتك، فشخصيتك هي حقيقتك، بينما سمعتك هي ما يظنه الآخرون عن حقيقتك.. ثق بنفسك وبقدراتك وما تؤمن به، ولا تجعل آراء الآخرين تؤثر عليك أو تعيقك، فأحلامك وطموحاتك خاصة بك وحدك، فلا تنتظر من الآخرين أن يؤمنوا بها.. في بعض الأحيان تكون نوايانا أنقى من قطرات الندى.. ولكن!! تتلوث بسوء فهم الآخرين.. ولذلك لا تنزل لمستوى من هم أدنى منك أخلاقاً، ولا تجاريهم في النقاش.. من غلبك بالشتم فأدّبه بالحلم، علّمه أن كل إناء بما فيه ينضح، وأن كل واحد ينفق مما عنده.. مهما كانت المبررات فإن الغاية لا تبرر الوسيلة!! وما كان كثيره حرام فقليله حرام أيضاً.. إياك أن تقابل الناس بوجه، وربك بوجه آخر؛ لأنه هو من سيحاسبك.. لا يوجد شيء اسمه: "أنا أفعل معاصي خفيفة.. وأنا أهون من غيري".. قال تعالى: ﴿وتَحْسبُونهُ هَيِّنًا وهُوَ عِنداللَّهِ عَظيم﴾.. (وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ).

 

بالأمس تم تكليف وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الإعلام المرئي والمسموع وهيئة الرياضة لرصد التجاوزات وحصر الأسماء المثيرة للتعصب، واتخاذ إجراءات عاجلة.. وتقضي القرارات بإلزام القطاعات الحكومية والأهلية بأخذ إجراءات ضد منسوبيها في حال إقدامهم على نشر ما يسيء أو ينشر التعصب أو يثير الرأي العام.. وتلقت وزارتا الداخلية والإعلام ومركز الحوار الوطني موافقة مجلس الوزراء على تنظيمات الحد من التعصب، بفرض قوانين تحد من انتشاره والترويج له.. وتسمح قوانين الحد من التعصب بملاحقة حتى المتعاونين من الصحافيين أو المحللين غير المرتبطين بعقود رسمية مع جهات إعلامية، عبر جهات عملهم الرسمية.. وتكمن المشكلة لدى بعضهم أنه يظهر عكس ما يبطن.. وأصبح الرياء ولبس الأقنعة وسيلة لإخفاء الخبث داخل بعض النفوس، وكأن الله سيحاسبهم على ظواهرهم دون بواطنهم.. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ".. لأن حاله حال المنافق المتملق بالكذب والباطل، والذي يظهر للناس ما يرضيهم ويخفي داخله العكس.

 

للأسف أصبحنا نتجاهل المبادئ والأسس والتقاليد، بحثاً عن مباهج الدنيا، والتي لا تساوي عند الله (جناح بعوضة)، ولو خسرناها كلها بأموالها وأفراحها لم تعادل جناح حشرة.. فليكن شعارنا في الإعلام (الحر): لا يهمني أن أكون شخصاً كاملاً، بل يكفيني أن أكون شخصاً لا ينافق ولا يخون ولا يجامل، ولا يعرف الناس وقت الحاجة.. وعندها لن نحتاج إلى أي قوانين تمنعنا من التعصب وإثارة الاحتقان، فيما لو كانت هناك دوافع ذاتية تنبع من داخل الإعلامي.. ختاماً (تقبلوا مني نصيحتي)؛ فلا يشترط أن يكون الشخص الذي ينصحك كاملاً، لكنه قد يهديك شيئًا ينقصك!! ولذلك لا تسئ الظن بمن نصحك، فقد يكون قد ضحى بشيء ثمين لأجلك.. أمنياتي بإعلام (ذي وجه واحد)، أجارنا الله وإياكم من (ذي الوجهين).