|


وحيد بغدادي
جحا.. وحماره!!
2017-03-23

 

في يومٍ من الأيام كان جحا وابنه، يحزمان أمتعتهما استعداداً للسفر إلى إحدى المدن المجاورة، فركبا على ظهر الحمار لكي يبدآ رحلتهما، وفي الطريق مرَّا على قرية صغيرة، فأخذ الناس ينظرون إليهما بنظراتٍ غريبة ويقولون: "انظروا إلى هذين القاسيين، يركبان كلاهما على ظهر الحمار ولا يرأفان به"، وعندما أوشكا على الوصول إلى القرية الثانية، نزل الابن من فوق الحمار وسار على قدميه، لكي لا يقول عنهما أهل هذه القرية كما قيل لهما في القرية التي قبلها، فلما دخلا القرية رآهما الناس فقالوا: "انظروا إلى هذا الأب الظالم، يترك ابنه يسير على قدميه وهو يرتاح فوق حماره"، وعندما أوشكا على الوصول إلى القرية التي بعدها نزل جحا من الحمار، وقال لابنه اركب أنت فوق الحمار، وعندما دخلا إلى القرية رآهما الناس فقالوا: "انظروا إلى هذا الابن العاق، يترك أباه يمشي على الأرض وهو يرتاح فوق الحمار"، فغضب جحا من هذه المسألة، وقرّر أن ينزل هو وابنه من فوق الحمار حتى لا يكون للناس سُلْطَة عليهما، وعندما دخلا إلى المدينة ورآهما أهل المدينة قالوا: "انظروا إلى هذين الأحمقين، يسيران على أقدامهما ويتعبان نفسيهما ويتركان الحمار خلفهما يسير وحده"، فما كان من جحا وابنه إلا أن حملا الحمار بدلاً من أن يحملهما وتابعا سيرهما ركضًا وهربًا من انتقادات الناس.. وبات الجميع يضحك عليهما ويتهمونهما بالجنون.. فلمّا وصلا للمدينة التي يقصدانها باعا الحمار.

 

هذه القصة لا تختلف كثيرًا عما يحدث في الوسط الرياضي تحديدًا.. سواءً على مستوى اللجان في اتحاد كرة القدم أو إدارات الأندية، حيث يرضخ بعض مسؤولي الاتحادات الرياضية أحيانًا ورؤساء اللجان وكذلك رؤساء الأندية لمطالبات الجماهير وانتقادات الإعلام الرياضي؛ الأمر الذي يجعل الأندية تحت الضغط دائمًا، وينعكس ذلك سلبًا على القرارات الارتجالية الصادرة من مسيري القرار.. ولذلك زادت وتيرة الاحتقان الرياضي بسبب التناقضات في القرارات وتراكمت الديون، وباتت الأندية مهددة بالعقوبات.

 

للأسف باتت رياضة كرة القدم تدار بطريقة (ما يطلبه المستمعون).. فعندما يطالب جمهور ذاك النادي بإيقاف لاعب ومعاقبة جمهور المنافس، ترضخ اللجان وتصدر العقوبة.. فينتفض الجمهور المنافس ويعبر عن حالة غضبه فتنقض لجنة الاستئناف القرار وهكذا.. يطالب الجمهور بإقالة مدرب أو استبدال لاعب والتعاقد مع لاعب جديد فتلبي الإدارة طلبات الجمهور المستمرة، والنتيجة حالة من العشوائية والفوضى، وتراكم الديون.. ما نريده اليوم داخل منظومة الرياضة أن يتمتع الرؤساء وصانعو القرار بقوة الشخصية والاحترافية الكاملة دون الالتفات للانتقاد؛ حتى لا تتكرر قصة جحا وحماره.. ويتم بيع الأندية

بـ (تراب الفلوس).. وسلامة فهمكم.