|


سعيد غبريس
ابن مساعد والإفلاس
2017-03-24

 

لم يشأ الأمير عبدالله بن مساعد أن يكون متعدّد المناصب. فتعدُّد المهام هو الأهم في قيادة الرياضة السعودية، وتسريع خطوات تطويرها للحاق بركب ما هو حاصل في القارة ومواكبة ذلك قبل فوات الأوان واتساع الهوة بين المتطورين باستمرار وبين المراوحين بإصرار.

 

ومن حسن حظ الرياضة السعودية، وكرة القدم على وجه الخصوص، تبوؤ الأمير عبدالله بن مساعد المنصب الأول، في وقت يحتدم فيه السباق بين تخصيص الأندية والإفلاس، وهو الذي بات خبيراً متميزاً في شؤون الاستثمار الرياضي، وهو الذي وضع اللبنة الأولى للتطوير وتخصيص الأندية.

 

الأيام الماضية عكست بشكل واضح سير الأندية أشواطاً نحو الإفلاس، تمثّل ذلك في تفاقم أزمة الديون التي تضرب نادي الاتحاد عميد الأندية في ذكرى ميلاده التسعين، وما يتبع ذلك باضطراد من ذيول تقصم الظهر وتعيد النادي للوراء وهو يتقدّم ميدانياً في الملاعب، لتُحسم منه النقاط ويُمنع من تجديد جلده، تحت وطأة الديون وعدم الإيفاء باستحقاقات مالية للاعبين ومدربين.

 

ولم يجد رئيس الهيئة العامة للرياضة في ذلك سوى دلائل تهبيط نادي الاتحاد لتصبح مسألة إفلاس الأندية على وجه العموم، مسألة وقت.

 

الخطورة في هذا الأمر، أنّ الأمير عبدالله يعمل منذ عامين على حل هذه المشاكل، وركّز اهتمامه منذ سنة على وضع إجراءات للحد من ديون الأندية، وذلك لتمهيد الطريق أمام التخصيص. وشاهِده في ذلك كيفية حل مشكلة دخل الأندية في بريطانيا، وكذلك التجربة في كرة القدم الأمريكية. 

 

ومع كل تلك الجهود، فقد زادت الأرقام، وأصبحت كبيرة على نادي الاتحاد، بل وخطيرة، كما يرى الأمير عبدالله. وأكثر من ذلك فقد قدّر أحد خبراء التسويق الرياضي حجم ديون الأندية السعودية بما يفوق المليار ريال.

 

وبرغم كل هذه الدلائل التي تهدّد مصير الأندية، يؤكد رئيس الهيئة العامة أنّه لن تحصل مشكلة ديون مستقبلاً، فالرياضة باتت صناعة تدر المليارات، شأنها شأن أي مشروع صناعي، ومن هنا فإنّ المهمة شاقة بتحويل الأندية من مدانة بالمليار إلى مربحة بالمليارات. 

 

فالدول المتقدمة التي تحوّل فيها نادٍ مثل موناكو الفرنسي من الدرجة الثانية إلى مصاف الفرق المنافسة في أوروبا، ونادٍ من الدرجة الثانية مثل ليستر سيتي إلى بطل إنجلترا. تطبِق التخصيص منذ ربع قرن، فما بالكم ببلدان من منطقتنا ما زالت تتحضّر للبدء بهذه التجربة؟!.

 

والحق يُقال، إنّ تخصيص الأندية السعودية باتت تُطبخ على نارٍ حامية، وتُشتم رائحة ذلك من تصريح الأمير عبدالله بن مساعد بالأمس عن تخصيص خمسة أندية سعودية خلال الأشهر المقبلة، والأندية الباقية خلال سنتين أو ثلاث.

 

ويبدو أنّ رائحة طبخة التخصيص اشتمّها بعض أصحاب الأموال، خاصة من أعضاء الشرف في الأندية. وعلى قاعدة "الأقربون أولى بالمعروف" استنهض بعض أعضاء شرف نادي الاتحاد الهمم لمداواة فريقهم المريض وإنقاذه بمئة مليون ريال على شكل قرض. وعلى أمل تحويل المبلغ إلى أسهم في حالة التخصيص.. وفي أضعف الإيمان، يُصبح للكتلة الشرفية "حق الشفعة" في حالة إقرار حق التملّك.