|


د. حافظ المدلج
المخاطرة المحسوبة
2017-04-19

 

للدلالة على الحذر في مجال المال والأعمال نردد عبارة: "رأس المال جبان"، ويقصد بها أن صاحب رأس المال يحسب خطواته الاستثمارية بحذر شديد خوفاً من الخسارة، ولذلك يتفوق غالباً من يبني قراراته على دراسات الجدوى الاقتصادية مع الجرأة في خوض التجارب المحفوفة بالمخاطر، وقد قال الشاعر: من راقب الناس مات هماً.. وفاز باللذة الجسور.

 

في بدايات الألفية قاد الأميران سلطان بن فهد ونواف بن فيصل ثورة في الاستثمار الرياضي، كان أهم مخرجاتها بداية بيع حقوق نقل مباريات الكرة السعودية التي فازت بعقدها الأول شبكة "أوربت" بعد منافسة قوية من شبكة "art"، فلم يستسلم "صالح كامل" لتلك الخسارة بل دخل في "مخاطرة محسوبة" بتقديم فكرة البطولة العربية للأندية والتكفل بجوائزها مع منحه حق اختيار ناديين إضافيين للمتأهلين (كانا دائماً من السعودية ومصر)، وهي البطولة التي ماتت بعدما فازت "art" بحقوق نقل مباريات الكرة السعودية بالعقد الثاني، ثم خاطر عرّاب النقل التلفزيوني وباع الشبكة لمجموعة الجزيرة الإعلامية.

 

نقول في موروثنا الثقافي "الخال جذّاب" وينطبق ذلك بشكل كبير على الدكتور "راكان الحارثي" الذي يسير على خطى خاله "صالح كامل" في طرق أبواب الاستثمار الرياضي المحفوفة بالمخاطر، فشركة "صلة" أعادت تجربة "الخال" بإحياء بطولة الأندية العربية بعد أن امتلكت الحقوق التجارية للاتحاد السعودي ورابطة دوري المحترفين ودوري الدرجة الأولى وأهم الأندية السعودية، وكانت المفاجأة الكبرى بالفوز بعقد شراكة حصري لتسويق الدوري الإسباني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، ليثبت "الحارثي" أنه المستثمر السعودي الأول في الرياضة السعودية والعربية والعالمية، فهو يخوض التجربة تلو الأخرى ويضيف مشروعات استثمارية جديدة متفاوتة المخاطر دون أن يترك مجالاً للمنافسين في بحث دائم عن التفرّد والصدارة، والمؤكد أن الدكتور "راكان" الذي ترك عيادته وتخصصه لأجل شغفه الرياضي لا يتخذ قراراته بشكل عشوائي أو عاطفي، بل إنه يقوم بدراسة السوق بشكل مثالي ومتأنٍ قبل أن يدخل في مغامرة استثمارية جديدة في حالة مثالية يمكن دراستها والاستفادة منها للطلاب والمهتمين بالتسويق الرياضي والمخاطرات المحسوبة.

 

تغريدة tweet

 

ما زلت مقتنعاً بأن سوق الاستثمار الرياضي بالسعودية كبير جداً ويتسع للعديد من الشركات المتخصصة بالتسويق الرياضي في شؤون الرعايات والنقل التلفزيوني وإدارة المباريات والمناسبات واستثمار المنشآت والشعارات وغيرها، ومن يريد الدخول في هذا المعترك عليه أن يتعلم من تجربة "راكان الحارثي" وخاله "صالح كامل" فقد خاضا العديد من التجارب بمهارة وذكاء وجسارة جعلت منهما النموذج المثالي للمستثمر الرياضي المحنّك، وعلى منصات المخاطرة المحسوبة نلتقي.