|


سعيد غبريس
رجل الألف ميل في خطوة
2017-04-21

 

على مرّ السنين الّتي واكبنا خلالها الرياضة السعودية، نقف اليوم أمام عهد التأسيس الثّاني على اعتبار أن التأسيس الأوّل يعود إلى حقبة الأمير الراحل فيصل بن فهد ـ يرحمه الله ـ في العام 1974، حين أصبحت رعاية الشباب إدارة مستقلة، وعلى اعتبار أن الحقبات الّتي سبقت تسلّم الأمير عبد الله بن مساعد مهام الرئاسة، كانت تكملة لمراحل البناء وتهيئة لعهد جديد لمواكبة التطورات المتسارعة الّتي تشهدها الساحة العالمية.

 

الأمير عبد الله بن مساعد هو محظوظ بالطبع، وأقرّ بذلك بنفسه حين قال: "الرياضة محظوظة بدعم القيادة واهتمامها... فـ "عهده" ترافق مع إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان، الذي رفع شعار إيجاد مصادر الدخل القومي بخلاف النفط المصدر الأساسي، وكان من ضمن رؤية 2030 رفع نسبة ممارسي الرياضة في المملكة من 13 بالمئة إلى 41 بالمئة.

 

ومن حظ الأمير عبد الله بن مساعد أيضًا، أن الحكومة سهّلت له تنفيذ المهام الكبرى الّتي تتعلق بأكبر شرائح المجتمع، وهي قطاع الشباب والرياضة، فحولت الرئاسة العامة إلى هيئة عامة وربطها تنظيميًا برئاسة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية؛ ما يخفف من وطأة الروتين والبيروقراطية في تسيير الأعمال وتنفيذ المشاريع الحيوية. وهذا ما فسره الأمير عبد الله بقوله: "إنه دعم كبير للرياضة ويسّهل مهمة الهيئة في مشروعها الكبير".

 

في بداية تسلمه مهام الرئاسة العامة لرعاية الشباب، تهيّأ للبعض أن الأمير عبد الله بن مساعد "يحشر أنفه" في كل شيء، خاصة ما يتعلق بلعبة كرة القدم، وأخذ بعضهم الآخر يضع فترة زمنية قصيرة لبقائه في منصبه، ولكنه وبفترة زمنية قياسية، ظهر بمظهر الرجل الشامخ الذي أولاه ولي ولي العهد مهام أساسية لتحقيق أهداف رؤية 2030!!.

 

ومع ذلك لم يترك رئيس الهيئة العامة "الأمور الصغيرة" على غرار حضوره مباراة التعاون والأهلي الإماراتي الآسيوية في بريدة، وحضوره توقيع عقد شراكة اتحاد الكرة وSTC لرعاية دوري تحت 14 عامًا، مبررًا حضوره بأن ذلك يأتي ضمن خطة مونديال قطر 2022 وهو ما تهتم به الهيئة بشكل كبير. وعلى غرار خوضه في تفاصيل حلّ مشكلة نادي الاتحاد الإدارية والمالية عن طريق إجراء انتخابات إلكترونية، وتوجيهه نداءً للجماهير بإنقاذ ناديهم!! وتتويجه بطل كأس المؤسس في الفروسية وترؤسه اجتماع لجنة التعصب...و...و...

 

لقد أصبح الأمير عبد الله بن مساعد بحجم الرجل الذي يحضر اجتماعًا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ويقوم بمهام في إطار الخطط الهادفة لدعم رؤية 2030، ومنها المشروع العملاق الذي أطلقه ولي ولي العهد بإنشاء أكبر مدينة ثقافية رياضية وترفيهية، لتكون واحدة من ضمن أفضل 100 مدينة للعيش على مستوى العالم، ومنها أيضًا تدشين أضخم برنامج بإنشاء أربع قرى أولمبية ضمن برنامج ذهب 2020.

 

والحق يُقال، إن الأمير عبد الله بن مساعد يسير في تحقيق مهامه في الحياة العامة قائدًا للرياضة السعودية، على خطى مسيرته في حياته المهنية رجل اقتصاد وأعمال على وتيرة "ألف ميل في خطوة واحدة"، وهو العنوان الّذي وضعه لكتابه الذي يحكي من خلاله مسيرته بوصفه واحدًا من رجال الأعمال السعوديين، انطلاقًا من تأسيسه عام 1989 الشركة السعودية لصناعة الورق الّتي تعتبر الأكبر في الشرق الأوسط، والّتي كانت الشركة الأم لشركات أخرى.

 

يختم الأمير عبد الله بن مساعد كتابه: إذا رسمنا في الوطن العربي خططنا الاقتصادية على تطوير الاقتصاد القديم نفسه بالطرق القديمة نفسها وبالعقلية القديمة نفسها، وعن طريق المستشارين أنفسهم، فنحن لا نواجه الواقع، بل نتمنى أن يظل الشيخ شابًا، وسنعود إلى القديم نفسه عبر طرق جديدة. نحن الآن في نهاية الطريق القديم...".

 

وكأني به يقول هذا الآن في مسيرة الألف الميل الرياضية.