|


سلطان رديف
قطعة القماش
2017-04-23

 

اختلاق الأزمات والقضايا التافهة التي لا تفيد المجتمع، ولا تصنع التطور، ولا تحرك عجلة التنمية، تجعلنا ننساق خلف جدليات وتفاهات لا تصنع لنا مستقبلاً؛ فالحالة الاجتماعية اليوم التي تتسم بثقافة شبابها المتسلح بشهادات العلم والمعرفة، الذي يبحث عمن يرفع سقف طموحه ويفتح له مجالات العمل والتفكير والإبداع، في ظل منهج وطني يطبق رؤية خلاقة نحو مستقبل المعرفة والصناعة في كل شؤون الحياة، وتحول يعلن كل يوم مشاريع عملاقة تساهم في إيجاد مجتمع متقدم يتمتع بحضارة بشرية وعلمية واقتصادية وثقافية ورياضية وترفيهية؛ فكل هذا لا يحتمل اليوم انسياقنا خلف التافهين وقضاياهم التعصبية.

 

بالأمس القريب استنفار إعلامي ومؤسسي وحديث هنا وهناك، واتهامات وفتح تحقيق وإشغال رأي عام في قضية تافهة لا تتجاوز قطعة قماش كتبت عليها كلمات، لم يسمح لها بالدخول لمدرجات الملعب، ورؤساء أندية يصرحون ويتهمون ويطالبون وقنوات وشاشات وبرامج ونقاد يبحثون ويحللون ويتجادلون، وكأن رياضتنا وشبابنا ليس لهم قضية إلا قطعة القماش وما كتب عليها، وتناسينا أن هناك قضايا أهم، كان الأولى أن نشغل أنفسنا بها؛ فرياضتنا اليوم تستقبل زمناً مختلفاً في الهوية والمضمون، تتحول فيه الرياضة لصناعة واستثمار وحضارة وأمن مجتمعي وفكري، وصحة تعالج الفرد والمجتمع ومشاريع متنوعة تصنع ترفيهاً وسياحة رياضية مختلفة، تُطلق هنا وهناك وأخرى متعثرة، كل هذا يحتاج إلى إعلام يساهم في صناعة العمل فكراً وطرحاً ونقاشاً؛ فالإعلام هو عين المجتمع، هو من يحفز، وهو من يفكر، وهو من يعالج ويقوم، وهو عين المسؤول هنا وهناك، يضع يده على الجرح تشخيصاً وتشريحاً للقضايا والأحداث بروح المسؤولية التي تعني تحقيق المصالح العامة.

 

إن الانسياق خلف القضايا السطحية وتصديرها، يجلب الإحباط ويعزز من ثقافة التخلف ويهدد عجلة التطور ويشوه جمالية التنافس، بل هو مغذٍّ لجدليات التعصب التي نحن جميعاً نحاربها، بل للأسف أن يتم إقحام الجهات الأمنية ورجالها وإزعاجها في جدليات هذا التعصب المقيت، الذي جعل من قطعة قماش قضية تعتلي المنابر وتهم توزع.

 

الوعي الثقافي والفكري هو منهج يتمتع به من يحمل روح المسؤولية، التي هي أحد أهم القيم الإنسانية النبيلة وسبب لكسب ثقة الآخرين، وهي البنيان القوي الذي يحمي المجتمع من كافة الأخطار، وهي ـ أي المسؤولية ـ تعني التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة التي ترفع من مستوى العمل والإنتاج.

 

علينا أن ننسى قطعة القماش ونناقش القرى الأولمبية ونتابع ونرصد رياضيي النخبة، ونحلل ونستشرف مستقبل التخصيص، ونؤصل ونحفز مفهوم الرياضة المجتمعية، ونتابع مقاولي المشاريع المتعثرة لسنوات التي تحتوي شبابنا، ونحارب التعصب الذي يهدد ثقافة أجيالنا، ونسأل عن دور المدرسة والجامعة في صناعة رياضتنا ونهذب بيئتنا لتكون لرؤوس الأموال جاذبة ـ شراكة وتنميةً واستثمارًا ومسؤولية اجتماعية ـ تحمي وتعزز روح التواصل بين مؤسسات المجتمع.