|


فهد عافت
كلمة وفتح غطاها!
2017-04-27

 

لملمتُ أسئلةَ أحبّةٍ، وسأجيب عنها، أهملت أسئلة كثيرة، وسأفعل ذلك دائماً، قليلة هي الأسئلة التي تُصيب في مَحْيَا!، وهي ما أريد، لا أحب الحوارات الصحفيّة، امتنعت عنها منذ زمن طويل، الأسئلة ما لم تكن مُنتقاة تصيب في مقتل، وهي ما لم تكن قادرة على رشّ عِطر براءتها فإنها تُعكِّر الجوّ والمزاج، وقد لا تكون كل الأسئلة الطّيبة ذكيّة وحصيفة، لكن طيبتها تكفي، ثم إن أهم ما في أي سؤال بالنسبة لي، هو في قدرته على لمس شيء في داخلي وتحريضه لي على كتابة أو قول، إن طاب لي الأمر، سأحاول تخصيص يوم في الشهر؛ للرد على ما أنتقيه بنفسي من أسئلة، قد لا أذكر أسماء أصحابها، وقد أصنعها أحياناً!، أما إن طاب لكم الأمر فسوف أجعلها مرّة كل أسبوع، وهذا ليس وعداً قاطعاً:

 

ـ س: هل تقبل أن يكون أحد أولادك مغنيّاً؟!

 

ـ ج: أنا نفسي كنت أودّ أن أكون مغنيّاً، لولا أن صوتي خذلني!، في طفولتي صنعت أعواداً بدائية من صفيح وخشب وأسلاك!، ورغم الفقر اشتريت آلة غيتار، لعبة لكنها في النهاية آلة!، ولي معها صورة أحتفظ بها إلى اليوم!، وكتبت الشعر من أجل الغناء، لكني لم أكن محط أنظار المطربين، وسآخذ السؤال إلى وجهةٍ أخرى، لأفترض وَهْماً أنني لا أقبل، في هذه الحالة أجيب: فيما لو كان ولدي موهوباً حقّاً، فإن عليه أن يعلن تحدّياً لكل صعوبات الحياة، التي سأكون جزءاً منها!، عليه أن يقتحم، وأن يخوض التجربة، وألا يتنازل عن حلمه، وأظن أنني سأكون سعيداً لأنني ربّيته على هذا الأساس، حتى وإن بقيت حزيناً لأنه اختار طريقاً آخر لم يرسمه خيالي له!، لن أتعامل مع هذه الأمور على أنها قِلّة إحسان أو إجحاف أو عقوق، ولنفترض أخيراً أنني رفضت وأنه أطاعني، هل أغضب؟، طبعاً لا؛ لأنه في هذه الحالة لم يكن موهوباً بما فيه الكفاية، وإلا لما أطاع!، وأكون حينها قد أنقذته من موهبة خادعة وغير أصيلة!.

 

ـ س: هل أربكتك القراءة، هل أضرّت بك يوماً؟!

 

ـ ج: أربكتني كثيراً، وتربكني دائماً، وهذه أطيب أفعالها!، وأكاد أهَمّ بالقول إنها لم تضرّني أبداً، وأتراجع بعض الشيء، لأعترف: القراءة أبعدتني عن الناس لأنها قرّبتني منهم أكثر من اللازم!، ومن زاوية ثانية، أشعر أنني كمن أحب أن يعرف الناس والواقع، ووجد القراءة طريقاً، غضضت طرفي عن الناس وانحنيت على الكتاب، ونسيت الوقت والزمن، ويوم رفعت بصري لأرى الحياة، لم أجد الناس كما تركتهم، تغيّروا، وتغيّر عليّ الواقع كثيراً، هذا أمر محزن أكثر من كونه مُضرّاً، كان الزمن أكثر سلاماً وأقلّ صخباً، أظن أنه فيما لو أمكن لي العودة بالزمن: لركضت أكثر في زمني الأول، وأجّلتُ القراءة لزمني هذا، فقد نسيت أن الزمن لا يسمح للجسد بالبقاء على نفس حيويّته الأولى!.