|


سلطان رديف
"أوقد النار يا شبابها"
2017-06-04

الوطن هو الخط الأحمر الذي لا يُسمح لأي كان بأن يتجاوزه، أو يداهن باسمه، أو يجامل على حسابه، أو أن يدعي الحياد ضد مصالحه؛ فالتنازل قليل هنا يجعلك تتنازل كثيرًا هناك، ولا بارك الله فيمن يخدع وطنه أو يضعف أمام قضاياه من أجل مصالح وعلاقات شخصية هنا وهناك.

 

من أجل هذا الوطن رأينا آباء وأمهات، يتبرؤون من أبنائهم لأنهم عملوا ضد مصالح الوطن ولحمته، وهددوا أمنه واستقراره، ورأينا أسرًا ورجالاً يقدمون أبناءهم وأرواحهم للدفاع عن الأمن والاستقرار، ليس عن الوطن فقط، بل عن الأمة والمنطقة؛ فهذان مثالان للتضحية بأعلى درجاتها؛ لأن مصالح الوطن وأمنه واستقراره ووحدته وسمعته لا تقبل الوسط، فإما أن تكون مع الوطن أو ضد الوطن، المنطقة الضبابية لا يمكن تقبلها هنا؛ فالوطن أولاً وثانيًا وثالثًا.

 

للأسف وأقولها للأسف وألف أسف، أن ذات الأقلام وذات الأصوات وذات الشخصيات وذات العقول التي فشلت أن تكون ثقافتها الرياضية محل حياد في طرحها، وسقطت وتسقط دائمًا في وحل التعصب بأشكال متعددة، ها هي اليوم تسقط في أول اختبارات الوطن عندما تداهن وتميع القضايا وتسطح الأمور؛ من أجل حسابات ومكاسب وعلاقات شخصية هنا وهناك، بل كانت من أول من بادر "للتعليق" تحت مصطلحات الحياد والمصلحة العامة وحب الآخرين أي حياد أمام الوطن ومصالحه، أي مصلحة عامة تفوق مصلحة الوطن أي حب يفوق حب الوطن، أي منطق يريدون منا أن نقتنع به؛ فلله الحمد أن منصات الإعلام الجديد تكشف لنا العقليات أكثر من كشفها للانتماءات، بل تخرج ما في الصدور من أمراض وأهواء، وتفضح مستوى الثقافة وتعري أصحاب المصالح الذين كانوا صوتًا لغير صوت الوطن، وآخرين شعروا بتأنيب الضمير فحذفوا بعضًا من تعليقاتهم وبعضًا آخر لا يزال يمارس ذات الدور البليد تحت غطاء الحياد، وكنت أرجو أن يعرفوا أن الصمت بحد ذاته حكمة.

 

لا أقول هذا اليوم مشككًا في وطنيتهم، ولكن أحذر من خطورة مثل هذه العقليات أن تتصدر المشهد هنا وهناك؛ لأنها تفتقد الحكمة وتغلب مصالحها وتلعب بها أهواؤها، وسبق وقلت ألف مرة إننا اليوم في أمس الحاجة إلى الحكماء الذين يعرفون مصالح الوطن ويستشعرون المسؤولية وأمانتها بكل إخلاص.

 

علينا أن نستشعر جميعًا أننا مسؤولون، وأن هذا الوطن أمانة، وأن نعي أهمية كل ما نقول ونكتب متى ارتضينا أن نكون ممن يحملون هذه الأمانة على المنصات العامة؛ فنحن لا نريد العداء مع أحد، ولكن عندما يكون الوطن هو المستهدف، فسنغني ونرفع الصوت "أوقد النار يا شبابها"، ونذكرهم بأننا أحفاد لأبطال هذا الوطن على مر التاريخ، نحمل رسالة الأمة ونحمي مقدساتها ونُكرم ونخدُم زوارها تحت قيادة حكيمة تاريخها مشرف مع الإسلام والمسلمين، تقف مع مصالح الأمة وليس مع الجماعات والأحزاب والمليشيات الطائفية.