|


سعد المهدي
الموسم يبدأ من هنا
2017-06-04

 

بعضهم يصحو متأخرًا، ومن ذلك تفوته أشياء لا يمكن تعويضها إلا في مجال النقد الفني الكروي؛ فالوضع مختلف، فهو يسمح بالسير في الطرق المتعرجة، وعلى الرمال المتحركة، ومن ذلك يحدث أن يقول الشيء وضده في آن واحد، أو يراهن على حدوث شيء، ثم يبرر عدم تحققه، وهو مرتاح الضمير لا يرف له جفن!

 

 

الموسم الكروي يبدأ في أغسطس المقبل، وقراءة مستقبل ما سيقدمه أي فريق لا يمكن أن تتجزأ، حيث يجب أن يكون تتبعها خطوة خطوة، لكن ذلك لا يتم لأن الكل لا يعرف أو لا يريد أن يعرف التفاصيل؛ حتى يمكنه استثمار تجارة التخمين والقفز من مسار لآخر بصلاحية طويلة الأجل، والمعرفة تحرمه من ذلك؛ لأنها تضعه أمام حقائق لا تقبل التمطيط أو الظنون؛ وهذا يسهم في كساد بضاعته.

 

 

لعبة كرة القدم ليست رياضيات.. هذا صحيح، ومن ذلك يمكن أن تسقط معادلاتها وتتكسر في لحظة تجلٍّ أو إخفاق، لا ضمانة لها ولا حدود يمكن محاصرتها به، لكن النقد الفني والتحليل الكروي لا يبدأ مع صافرة الحكم، بل قبل ذلك بكثير، فهو أولاً: يعول على قيمة الناقد والمحلل الفنية وحسه الكروي وفراسته وحسن قراءته، وثانيًا: جمعه للمعلومات ومتابعته لخطوات تحضير الفرق والعناصر، وثالثًا: فهم تركيبة المدير الفني وظروف كل مباراة، وموقعها من كامل جدول الدوري.

 

 

يحدث ألا يعرف بعض النقاد أسماء اللاعبين الذين غابوا عن القائمة، أو أسباب ذلك، أو من يفترض أن يعوضهم من الدرجة الأدنى أو خصائصهم الفنية، وربما يسأل عن عدم مشاركة لاعب موقوف أو مصاب، وكل ذلك له علاقة ببناء وهضم تحضير الفريق للموسم الذي قلنا إنه ليس في اهتمامات الناقد، وأحيانًا الوسيلة الإعلامية بمجملها في الوقت الذي هي من الاستحقاقات التي لا بد من الالتزام بها، طالما أن العمل النقدي التحليلي الذي تتقاضى منه الأجر ويمنحك الظهور الإعلامي يستلزم ذلك. 

 

 

كمحلل فني تحتاج إلى أن تجتهد في التعرف على كل التفاصيل: سيرة المدرب، إنجازاته وإخفاقاته، وتفاصيل رحلته في عالم الكرة أيضا لا تقل أهمية، متابعة اللاعب عند تحركه بالكرة لا يكفي للحكم على أدائه وعدم قراءة ما يمكن أن يؤديه تكتيكيًّا، ستجعلك تظلمه، المتابعة من خلال الشاشة فقط ستقلل من القدرة على الإحاطه بأجواء اللعب وما يدور في كامل المستطيل الأخضر، وعلى جنباته، محاولة التجاوب مع ما تطرحه الجماهير بغرض كسب رضاهم لا يجعلك تختلف عنهم في شيء، بل يعني أنك تخليت عن مهمتك ولم يعد هناك لزوم لحضورك.

 

 

أسبوع وتبدأ تحضيرات الموسم الكروي وإعلان البرامج سيكشف بعض ملامح النتائج المتوقعة من نجاح أو فشل، ستطرح أسماء دول أوروبية، وغيرها، مكان التحضيرات وأسماء لاعبين محليين وأجانب تم أو سيتم ضمهم وأسماء لمدربين، وستظهر على السطح بعض المشاكل القابلة للحل أو العصية، وسيتبع ذلك تعليقات وردود على كل المنصات وستطلق التصريحات المبشرة بموسم مختلف أو نداءات النجدة، كل ذلك يحدث قبل كل موسم، لكن الناقد الفني والمحلل الكروي أو حتى الوسيلة الإعلامية، يمكنها أن تضمن موسم عمل ناجحًا لها لو قامت بجمع كل ذلك ورصده وتحليله للبناء عليه واستثماره خلال الموسم.

الإدارة