|


أحمد الفهيد
بين أن تكون "مُصابًا".. وأن تكون "مُصيبة"!
2017-06-10

‏في 12 مارس 2017، كان لاعب الفريق الكروي الأول في نادي الاتحاد السعودي فهد المولد ممدّدًا على سرير الطبيب.. المهاجم "المهم" والقائد "أحيانًا"، الذي يتقاضى راتبًا شهريًا "ضخمًا"، يلمس سقف الـ 400 ألف ريال "وهو جالس"، كان يواجه مصيرًا غامضًا، ربما ينسف قدميه، وراتبه، ويعيده إلى المدرجات "مُشجعًا" في لحظة زهوه، وتَفَتُّق زهره.

 

كتب الطبيب في تقريره: "فهد المولد مصاب بشرخ في أعلى الساق اليسرى، ويحتاج إلى علاج تحفظي لفترة تتراوح بين 4 و6 أسابيع".. إذن اللاعب النجم عليه الآن القيام بأمرين: أن يعالج ساقه، ليحمي مستقبله، وأن يلتزم بالتأهيل ليحمي ساقه.

 

هكذا بدأت القصة القصيرة قبل شهرين ونصف الشهر، كانت قصة مؤلمة، لكنها ليست حزينة، كان يمكن أن تنتهي القصة نهاية سعيدة، لكن البطل الذي كان يئن على سرير الطبيب، أراد للقصة أن تصبح طويلة، ألا تكون نهايتها جميلة، وهادئة، هو أراد ذلك، لم يرغمه أحد على فعله.

 

وفي القصة الطويلة ذُكر أن تقريرًا طبيًّا أُرسل لإدارة المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، الذي يستعد لمباراة حاسمة أمام المنتخب الأسترالي، يذهب به الفوز فيها إلى نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، وفي التقرير كُتب "أن اللاعب ما زال يحتاج إلى التأهيل، ننصح بعدم مشاركته، وإبقائه قيد العلاج"، لم يقتنع الجهاز الطبي لمنتخب البلاد بما قاله أطباء النادي، وأخضعوا "الفهد الصغير" لفحوصاتهم.. مددوه على سرير الكشف، ومرروا على ساقه ما توفر من الأجهزة الطبية، ثم انتهوا إلى أنه غير جاهز للمشاركة.

 

إذن أجمع الأطباء ـ هنا وهناك ـ على أن اللاعب "مصاب" والزج به الآن "مصيبة".. والحقيقة أن المصيبة وقعت، حين قام اللاعب المحترف "المصاب" بتجاهل هذا كله، وشارك بكامل أناقته، وبناقص لياقته، ولباقته في بطولة "حواري" في جدة!

 

أستغرب فعلًا، كيف يمنع الأطباء لاعبًا محترفًا من اللعب حماية له ولمستقبله، فيما هو لا يبذل شيئًا لإنقاذ نفسه والإبقاء على مصدر رزقه مدرارًا، أستغرب أكثر كيف للاعب محترف مثله، ومهم ومؤثر، أن يُمنع من المشاركة مع منتخب بلاده، عناية به، ورعاية لبرنامجة الطبي التأهيلي، فيما يتركُ هذا كله وراء ظهره، راميًا بساقه "المشروخة" والأخرى الصحيحة في ملعب حوارٍ!

 

هل انتهت القصة الطويلة هنا؟!.. لا، لم تنتهِ، لتوها بدأت، فإدارة نادي الاتحاد التي أصدرت بيانًا عن حادثة لعب المهاجم المُصاب في بطولة الحواري، لم تذكر في البيان أي كلمة صريحة أو "ترمز" إلى أن ما حدث خطأ، أو غير مقبول، أو لا يصح أن يقوم به لاعب محترف دُفعت له الملايين ليصبح لائقًا باللعب في المباريات التنافسية الرسمية، وليس لاعبًا في دورة حوارٍ رمضانية، وعلى ملاعب غير آمنة رياضيًّا، أو أن هذا التصرف ينافي لوائح وأنظمة النادي.

 

الإدارة "المكلفة" لم تكلف نفسها عناء كتابة عبارة واحدة زاجرة، ورادعة للمولد وبقية الكتيبة الاتحادية، التي لا تُقهر، تقول فيها: "ما فعله اللاعب مخالف للوائح والأنظمة، وستتم مخاطبته رسميًّا للتوقف عن اللعب في البطولة، وستطبق في حقه العقوبة اللازمة بما تنص عليه اللوائح الداخلية"، البيان الذي صدر خاليًا من هذه العبارة يتساوى تمامًا مع لو أنه لم يصدر أصلًا.

 

نعم أرادت الإدارة الاتحادية تبرئة نفسها أمام إدارة المنتخب السعودي وجماهير "العميد"، بقولها إنها لم تكن تعلم شيئًا عن مقامرة اللاعب بنفسه في منافسة خطيرة، وفي وقت يُحرم عليه طبيًّا لعب كرة القدم، لكنها للأسف فاقمت الأمر، إذ قالت لكل اللاعبين الاتحاديين بشكل غير مباشر: افعلوا ما شئتم، لكن لا تطلبوا منا إذنًا بذلك، وإذا فعلتم فلن نسمح لكم، لكننا لن نعاقبكم إن لعبتم، وإنما سنخبر الناس أجمعين أننا أكدنا عليكم الالتزام بلائحة الاحتراف الموحدة، والتي تنص على عدم ممارسة لعبة كرة القدم خارج إطار النادي أو المنتخبات الوطنية.

 

فهد المولد "مُصاب"، هذا أمر أكيد.. والتقرير الطبي عن حالة اللاعب "مُصيب"، هذا أمر أكيد.. إذن من "المُصيبة" في هذا كله؟!.. بالتأكيد أنه ليس الجمهور، وليس الإعلام، وليس منظم بطولة الحواري!