|


فهد عافت
‏‏الجمال والفن والثقافة
2017-06-13

 

ـ الجمال شيء والفن شيء آخر والثقافة شيء ثالث.

 

ـ الجمال يُسعى إليه، ولا يُمسك، تتعدّد نماذجه وأشكاله، ولا دليل عليه أكثر من التناغم والانسجام والمتعة والتّأمّل.

 

ـ الفن هو وسيلة السعي إلى الجمال، عبره يتم إنجاز نماذج جماليّة، ولكل مُنجز فنّي: شرعيّة وقيمة.

 

ـ يكتسب كل نموذج شرعيته من وفائه بالشروط الجماليّة: التناغم والانسجام، كما يكتسب قيمته من فرادته في تقديم هذا التناغم وذلك الانسجام بما يتيح للإيقاع، عبر نمنمته وموسيقاه ونبضه وكل مُحْتَشَدِهِ، ضخّ أكبر قدر ممكن من المتعة خصبة التّأمّل.

 

ـ الثقافة تَنْتَخِب من منجزات الفن نماذج، تؤكد أصالتها، وتتحرّك من خلالها، لتأسيس رؤية أو نظرية أو نظام.

 

ـ مشكلة الثقافة أنها وعبر انتقاءاتها، تطرد محاولات فنيّة ترى أنها أقل شأناً، أو مُضادّة لما تريد التأكيد عليه.

 

ـ وهي عبر محاولاتها تكوين نظريّة أو إيجاد نظام، تحبس وتُقيّد أفكاراً إبداعيّة، وتمنع خيالات كثيرة من تدفّقات كان يمكن لها أن تكون أكثر جسارة فيما لو لم تستسلم، قناعةً أو خوفاً، لمتطلبات الصبر الثقافي. 

 

ـ بصفتها فعلاً نقديّاً، تتطلب الحركة الثقافيّة صبراً منها وعليها، ذلك الصبر الذي كثيراً ما ينجح في إقناع الحركة الفنيّة بأنه إنما يعمل لأجلها، وأنه بحاجة لوقت، تخفف فيه المواهب الفنيّة من جموحها، وتكتفي بالجديد الذي أنجزته، حتى يتسنّى للحِسّ الثقافي تأطير المشهد الفنّي الجديد بما يؤكد سلامة حضوره من ناحية، وبما يحميه من مخاطر تسيِّب لابد أن تُطِل برأسها مستغلةً ارتباك الذائقة في تقبّل ما هو جديد من ناحية أخرى.

 

ـ في الثقافة الفنيّة، النقديّة بطبيعتها، ورغم كل إيجابياتها، ما يكبح الوهج الفنّي، وما يعيق التدفّق والجسارة، لميلها إلى الثبات بحجّة دعم الحركة، ولانحيازها للثقل على الخِفّة، وللخبرة على الطيش، ولمساواتها، فيما لو عَدَلت، بين المعرفة والإحساس.

 

ـ جهل الفنّان مُضِرّ، وخيانة من الفنّان لموهبته، هذا فيما لو كانت موهبة أصيلة.

 

ـ أما الفنّان صاحب الموهبة المتواضعة، فإنني أظن أن من صالحه عدم التمدّد في الوعي الفنّي أكثر مما تسمح به طبيعة موهبته، يبدو الرأي غريباً، لكنني ممن يظنون به، ولا أعرف ما إذا كنت الوحيد الذي له هذا الرأي أم أن معي أصواتاً أخرى ترى ما أرى.

 

ـ والفنّان بموهبة غير مصقولة ولا مُحصَّنة يُمكن لأي هبّة ريح أن تعصف به وبعمله الفنّي، ولك أن تتخيّل ما يمكن للرقيب السياسي أو الإعلامي أو الاجتماعي أن يفعل به.

 

ـ الفنّان الحقيقي يتدرّب ويتعلّم، ولا يمكن لرقيب من خارجه أن يُوقفه، مصيبته في الرقيب "الجُّوانيّ" الذي فيه، مشكلته في المثقّف الذي يكبر فيه على حساب الفنان.