|


فهد عافت
‏أسوأ الفنون أوسطها
2017-06-16

"بلكونة" الجمعة، تُطل على كتاب، ليس لي من المقالة غير العناوين الفرعيّة الصغيرة، وعلامات تعجّبٍ، وبعض تقويسات، وقفزات صغيرة حذرة، ويا للغرور إذ أزعم بأهميتها، كتابنا اليوم هو "العمدة في محاسن الشعر وآدابه" لابن رشيق القيرواني، الصادر في جزءين عن دار المعرفة في بيروت، تحقيق د. محمد قرقزان، والمقتطفات من الطبعة الأولى:

 

ـ حَشَفٌ وإنْ وَزَنَ:

.. فإذا لم يكن عند الشاعر تُوليد معنى واختِرَاعه، أو استِطْراف لفظٍ وابتِدَاعه، أو زيادةٌ في ما أجحَفَ فيه غيْرهُ من المعاني، أو نقصٌ ممّا أطالَهُ سواه من الألفاظ، أو صْرْفُ معنى إلى وجهٍ عن وجهٍ آخَر، كان اسم الشاعر عليه مَجَازاً لا حقيقةً، ولم يكن له إلا فضل الوزن، وليس بفضلٍ عندي مع التقصير.

 

ـ حفظ وضياع:

.. وقيل: ما تكلّمَتْ به العرب من جيّد المنثور أكثر ممّا تكلّمَتْ به من جيّد الموزون، فلم يُحفَظْ من المنثور عُشرُهُ، ولا ضاع من الموزون عُشرُه.

 

ـ المطر الضّعيف:

الوَحْشيُّ من الكلام: ما نَفَرَ عنه السَّمع، والمُتَكَلَّفُ: ما بَعُدَ عن الطَّبْع، والرّكيك: ما ضَعُفَتْ بِنْيَتُه وقَلَّتْ فائدته، واشتقاقه من الرَّكَّةِ وهي المطر الضعيف.

 

ـ هجاءُ الهجاء:

كان العُقلاءُ من الشعراء وذوو الحزم، يَتَوعّدون بالهجاء، ويُحذِّرون من سوء الأحْدُوثَة، ولا يُمْضُون القول إلا ضَرورةً، .. قال ابن مُقْبل:

فَأمّا سُرَاقَاتُ الهجاءِ فإنّها...

... كلامٌ تَهَادَاهُ اللِّئامُ تَهَادِيا.

 

ـ الشاعر والكرم:

من حُكْم الشاعر أن يكون حُلْوَ الشّمائل، حَسَنُ الأخلاق، طليق الوجه، بعيد الغَوْر، مأمون الجانب،..، لطيف الحِسّ، عزوف الهِمَّة.. سَمْحَ اليدين، وإلا فهو كما قال ابن أبي فَنَنٍ: 

و إنَّ أحَقَّ الناسِ باللّومِ: شاعِرٌ...

... يلومُ على البخلِ الرِّجالَ، ويَبْخَلُ.

 

ـ "العبقريّاتُ لا تُؤخذ بالأقدميّة":

.. والمتأخر من الشعراء في الزمان لا يضرّه تأخُّرُهُ إذا أجاد، كما لا ينفع المُتقدِّم تقدُّمه إذا قصَّر.

 

ـ ما بعد الكتابة وقبل النشر:

لا يكون الشاعر حاذِقاً، مُجَوِّداً، حتّى يتفقَّدَ شعره، ويعيدَ فيه نَظَره، فيُسقط رديئه، ويُثبت جيّده، ويكون سَمْحاً بالرّكيك منه، مُطَّرِحاً له، راغباً عنه، فإنّ بيتاً جيّداً مَقَامَ ألفِ رديء.

 

ـ فقه الشعر:

وقال الأصمعي: الزحافُ في الشِّعر كالرّخصة في الفِقهِ، لا يُقدِم عليها إلا فقيه.

 

ـ أسوأُ الفنون أوسطها:

وقال بعضهم: الشعر شعران: جيّد محكّك، ورديء مضحك، ولا شيء أثقل من الشعر الوسط، والغناء الوسط.

 

ـ أهم فنون الاعتذار:

.. فإنّ إتيانَ المُعْتَذَرِ من باب الاحتجاج وإقامة الدّليل خَطَأ.

 

ـ إشارة مرور:

للوليد بن عبيد البحتري:

قف مَشُوقاً، أو مُسعِداً، أو حزيناً..

... أو مُعِيناً، أو عاذراً ، أو عذولا.