|


فهد عافت
ضرورة القراءة.. وضرورة الامتناع عنها!
2017-07-04

- إن اتخذتَ الكتابة فضاءً، فلا بد من جناحين، العجيب أنّ كل واحدٍ منهما نقيض الآخَر، أو أنه يبدو كذلك لوهلة: جناح القراءة، وجناح الامتناع عنها!.

 

- لا بُدّ من القراءة، كل مُقتَرَحٍ آخر وَهْم وضْعْف وتحايل شديد الخيبة، ونتائجه مضمونة: الفشل!. 

 

- القراءة تقيك، من واحدة من أكثر الكذبات في عالم الكتابة: انتظار الوحي!.

 

- صحيح أن في الكتابة الإبداعية ما يشبه الوحي، وأن بريق لحظة الإلهام الخاطف، تطير بصاحبها، ولا شبيه لمَسَرّاتها، غير أن الخطأ في كلمة "انتظار" وليس في الوحي والإلهام!.

 

- الوحي الفني، والإلهام الأدبي، يُراح إليه، يُركَض باتّجاهه، يُسْعى له، ولا يُنتظَر!، والتدبّر والتفكّر والتّأمّل دروب سفر!، والشطب والمحو والحذف والإضافة والمُعايَنة رِحلة!، أمّا الزّاد فهو القراءة، وهي جواز السفر، وهي زيت القناديل أيضًا!.

 

- للكاتب عُذره، إن هو جلس ساعات أمام أوراقه وبقيت مع ذلك بيضاء دون كلمة واحدة، أو فتح وأغلق جهاز الحاسب الآلي مرّات عديدة، دون أن يحظى بِبَخْتِ توفيق رأسين في الجَمَال!، 

 

- غير أن اللحظة ستأتي، لحظة الكتابة، والتمتّع باسترسالها، ستأتي، في نهاية اليوم وليس في اليوم التالي، أو في اليوم التالي، ماذا يهم؟!، المسألة ليست في اللحظة، لكن في الأُفُق!.

 

- من لا يقرأ، لا يمكن لأُفقه أن يتوسّع، حتّى الفُقاعة، وهي فقاعة، لا بدّ لها من قراءة الهواء لتتسع دائرتها!، وهي إذ تنفجر سريعًا؛ فذلك لأنها لم تُحسن القراءة ليس إلا!.

 

- الجناح الآخر هو عدم القراءة!، وهو جناح يخصّ من يريد الإبداع وليس المعرفة!،..

 

- الذي يريد المعرفة، يمكنه قراءة كل شيء من أي أحد؛ لأن المعرفة لا تتطلب وحيًا، ولا تستلزم إلهامًا، هي مسألة وظيفية بحتة، وهي على أهميتها وعظيم منافعها، لا تحتاج إلى غير جهد حقيقي ورغبة صادقة، وتعقّل، إنها ليست عملًا إبداعيًّا في نهاية المطاف!.

 

- الكتابة الأدبية، والعمل الفنّي، والمُنْجَز الإبداعي، أمور أخرى، تتطلب كل ما تتطلبه المعرفة من مُثابرة، لكن بحذر انتقائي شديد الفطنة!.

 

- لا يكفي لمن يطلب الإبداع، قراءة ما هو حقيقي، ومعرفة ما هو صحيح، يلزمه، وبحتميّة، أن يقرأ كل هذا وكل ما عداه، بطريقة مُشوِّقة، وبلغة خصبة، خفيفة الظِّل، مَرِحَة، وساحرة!، باختصار وببساطة: يلزمه أن يتعامل مع أعمال إبداعيّة!.

 

- قراءة الكتب السّيّئة، لن تنتج كاتبًا جيّدًا، وقراءة الشعر الرّديء لن تُثمر شاعرًا ذا قيمة، بل العكس تمامًا، وهنا مصيبة المصائب: تَتَبُّع الكتابات المُهَلْهَلَة، والأعمال الضعيفة، والمنجزات الواهنة، يُغري بالاستسهال، ويُفقِد الموهوب مناعة الحَذر والجسارة معًا!، يُفقِد الموهوب موهبته!.

 

- لماذا انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة كتابة الروايات؟، كل من هبّ ودبّ صار روائيًّا!، وكلّها تقريبًا روايات رديئة، أو ليست روايات أصلًا، مع وجود استثناءات قليلة جدًّا، جدًّا، جدًّا، كرر جدًّا هذه مئة مرّة!، الجواب: أن هؤلاء المُهَلْهَلِين قرؤوا لمُهَلْهَلِين آخرين!، هذا زادهم، وهذا زيت قناديلهم!.