|


سعيد غبريس
البطولة العربية حقًّا قامت
2017-07-28

البطولة العربية لكرة القدم قامت.. حقًّا قامت، ولقد أُحييت بعدما ماتت، وهاهي تتعافى وتشفى وتتدحرج كرتها على الملاعب الخضراء في مصر العربية، وبمشاركة دزينة "درزن" من أندية العرب من المحيط إلى الخليج؛ ما يذكّرنا بشعارات ومسارات الوحدة العربية، أيام الطفرة القومية.

 

الحديث عن هذه البطولة التي تحتضنها مدينتا القاهرة والإسكندرية، مؤجّل للأسبوع المقبل، ولكن في هذه العجالة لا بد من ذكر أنّ النادي الأردني الفيصلي، ونظيره العهد اللبناني، هزما أو قارعا أعتى الأندية العربية "الأهلي والزمالك قطبي مصر، والنصر بطل السعودية لموسمين متتاليين قبل الموسم الماضي"، وهذا الأخير سقط بالأربعة النظيفة أمام الفتح الرباطي الذي كان تعادل أمام الزمالك..

 

وفي هذه العجالة أيضاً لا يسعني إلا أن أذكر أنّ ما يصرفه النصر السعودي، أو غيره من الأندية الخليجية الأخرى المشاركة في البطولة المنبعثة من الموت، وتحديداً على تعاقدات المدربين واللاعبين، يفوق بأضعاف ما يصرفه هذان الفريقان من "بلاد الشام"، ليس على اللاعبين والمدربين فحسب، بل مجمل ميزانيتيهما العامة..

 

أقول قولي هذا ولا أبالغ فيه "سقت مثلاً عابراً في مقال سابق خلاصته أنّ السعودي ناصر الشمراني يتقاضى سنويًّا من الهلال مليونَي دولار، وهو ما يوازي ما دفعته الأندية اللبنانية مجتمعة لسبعة وثلاثين لاعبًا أجنبيًّا في موسم واحد. وأنّ الأمير فيصل بن تركي دفع 100 مليون ريال في سنة لنادي النصر الذي عجز فريقه عن الفوز على العهد اللبناني في البطولة العربية، علمًا أنّ هذا النادي صاحب أكبر ميزانية في الأندية اللبنانية بمبلغ مليون دولار!!"..

 

المعذرة على هذا الاستطراد القسري، ولنعد إلى البداية: البطولة العربية قامت.. حقًّا قامت، وهذا هو المهم؛ لأنّ إحياء البطولة يعني الحفظ على الشعار ـ الوصية الذي رفعه مؤسّس الاتحاد العربي ومطلق بطولاته، المغفور له الأمير فيصل بن فهد "الاتحاد العربي وُجد ليبقى ويستمر ويتطور"، فبطولات الاتحاد العربي تعثّرت مرارًا حتى في عهد الأمير الراحل المؤسّس، واستمرت متعثرة أيضاً طوال عهديَ الأمير سلطان بن فهد والأمير نواف بن فيصل الرئيسين التاليين. وهاهو الأمير الرئيس الرابع من أبناء المملكة المقر الدائم للاتحاد العربي تركي بن خالد، يحمل الأمانة ويرفع الآمال بالاستمرار وتجاوز العثرات..

 

ومن قرأ المقالات التي تناولت البطولة العربية في الآونة الأخيرة، قبل انطلاق البطولة العائدة من بعيد، لاحظ الإجماع على اعتبار الأمير تركي بن خالد هو الذي سيلتقط أنفاس البطولة، بعدما حبس أنفاسه مدة سنتين من القلق والترقّب في معركة التحدي، فهو يتسلّح بكفاءاته ومؤهلاته العلمية وخبراته الإدارية وبثقة الأخوة العرب بشخصه..

 

ولكن درب الجلجلة الذي سلكته هذه البطولة، والثغرات التي ظهرت على أرض الواقع، يتطلّبان من الاتحاد العربي أن يصرف وقتًا وجهدًا كبيريَن لاستكمال العناصر التي ترسي البطولة والبطولات الأخرى على قواعد ثابتة، حتى يتفرّغ للأهداف الأخرى الكبرى..

 

والحق يُقال، إنّ الاتحاد العربي الذي أُسس في الخرطوم 1974، ووُضع نظامه الأساسي في الرياض 2009، وأُجريت تعديلاته في بيروت 2012، تتضمّن أهدافه الرئيسية: نشر وتطوير اللعبة والمساهمة في تطوير الكوادر الإدارية والتقنية والطبية، والعمل على رفع المستوى الفني للاعب العربي وتشجيع البحث العلمي.. و.. و.. والله المستعان للحفاظ على حياة البطولة العائدة من النسيان؛ حتى يتذكر الاتحاد العربي أنّ لديه مهام إحياء مولودات أخريات، وحتى لا ينسى أنّ المسابقات هي نقطة في بحر أهدافه..