|


مسلي آل معمر
نيمار.. بين الفرد والحكومة!
2017-08-11

كما يجد عشاق الخيل والإبل المتعة في الصرف عليها أو رعايتها ومتابعة منافساتها، يجد آخرون المتعة في دعم أندية كرة القدم ومتابعة منافسات اللعبة الشعبية الأولى في العالم، أنا هنا أتحدث عن سلوك أفراد يصرفون من مالهم الخاص على هواياتهم المفضلة، وبغض النظر عن تحول كرة القدم إلى صناعة، من الممكن أن تعود بالنفع المادي على المستثمر، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يحاسب المنفقين في هذا المجال وهم يصرفون من حر مالهم "الشخصي"، حتى لو غابت كفاءة الإنفاق عن الموضوع. 

 

ما يثير الدهشة والاشمئزاز، هو أن تدخل بعض الدول في الصرف على شراء لاعبين بأرقام فلكية كسرت حاجز المليار ومن أموال عامة، فهذا المال العام كان ينبغي أن يكون خاضعًا لحوكمة الجهات الاستثمارية، وأن تكون الصفقة مبنية على دراسات وأسس تسويقية؛ فالمبلغ المدفوع مثلاً في صفقة نيمار لا يمكن استرداده بأي حال من الأحوال، كما أنه لا يمثل أي جانب تسويقي للدولة المتكفلة بالصفقة، سوى الانطباع السيئ لدى الأوساط العالمية، حيث كان الحديث السائد في الإعلام الدولي أن العرب لديهم أموال فائضة لا يجيدون صرفها ودفعوا مبالغ مضاعفة للاعب برازيلي يلعب لنادٍ إسباني من أجل أن ينقلوه إلى ناد فرنسي! .

 

شخصيًّا.. أتفهم فكرة أي رجل أعمال يشتري ناديًا ليستثمر فيه ويمارس هوايته المحببة، وأحترمه كثيرًا إذا أجاد إدارته وحقق أفضل نتائج ممكنة بأقل مصاريف ممكنة، لكن أن تتحول الصفقة إلى دعاية سيئة لأمة بأكملها، وتعطي انطباعًا لدى العالم كله أن هذه الأمة فيها بعض الحمقى الذين لا يعرفون كيف يصرفون أموالهم، فهذا لا يشوه الدولة التي صرفت فحسب، بل يشكل انطباعًا عن المنطقة بأكملها. 

وبهذه المناسبة شاهدت مقطعًا مصورًا تداوله البرازيليون حول صفقة نيمار، كان يصور الرجل العربي بالسذاجة واللامسؤولية، رغم أن العرب بريئون من هذه الصفقة، ولم يقم بها سوى شخصين أو ثلاثة يبحثون عن الظهور بأي دور، حتى إن كان سلبيًّا للغاية. 

 

أعود وأقول إن الفرق يجب أن يكون واضحًا بين أن يصرف الفرد من ماله الشخصي، وأن يتم الصرف من صندوق تديره الدولة وتعود ملكيته للشعب؛ ولهذا أعتقد أن نداءات المطالبين بإبعاد الحكومات عن تملك الأندية ستجد آذانًا صاغية في أوروبا، حيث يقدمون أسبابًا موضوعية تتعلق بإفساد سوق كرة القدم، وهو ما يتعارض مع كل القوانين الجديدة التي سنها الاتحاد القاري لكرة القدم، وأبرزها قانون بلاتيني للعب المالي النظيف؛ لأن صفقة نيمار ومثيلاتها لا يمكنها أن تكون نظيفة إطلاقًا!