|


بدر السعيد
بدون ملح..!!
2017-08-13

هم أكسير المنافسات.. وأقوى مصادر الأدرينالين في شرايين اللاعبين.. معهم تكتمل الأفراح.. وفي قلوبهم تستقر الأتراح.. هم سلاح الكيانات وعمودها ومصدر إلهامها وانتشارها.. هم الثابتون وكل ما سواهم متحرك.. هم شركاء الانتصارات.. والصدر الذي تنام عليه الانكسارات.. ومن غيرهم.. نعم أقصدهم هم الجماهير ملح المدرجات..

 

وجه بوصلتك نحو كل رياضي ناجح أو فريق متفوق متميز، وستجد أن خلف صورته الذهنية جيشاً من العشاق وأمواجاً من هدير التحفيز والدعم.. ارجع بذاكرتك إلى أكثر البطولات التصاقاً بذاكرتك، وستجد أن نجاحها ارتبط بذلك الحضور الجماهيري اللافت الموثر الوهّاج..

 

لا يكاد يخلو تفكير المخططين الرياضيين من تخصيص مساحة كبيرة من اهتماماتهم واستثماراتهم وجهودهم نحو المدرج.. لا تكاد تخلو كل استراتيجية رياضية من النظر بعين الاعتبار إلى جانب الحضور الجماهيري.. ولا تكاد تخلو أي دراسة استثمارية من الرجوع إلى الشعبية والانتشار والاهتمام الجماهيري بالمنتج..

 

وعلى ذكر المنتج.. فلا أرى أن هناك منتجًا رياضيًّا سعوديًّا يمكن أن يقدم إلى سوق العمل الرياضي أقوى من الدوري السعودي أيًّا كان مسماه.. لكنه منتج لم يعرف صانعوه وملاكه ومسيروه قيمته حتى الآن للأسف الشديد.. منتج عالي المواصفات.. وبلا منافس في السوق الوطني.. لكن مقدميه فشلوا حتى الآن في الوصول إلى الحد الأدني من رضا زبائنه.. لذا فلا عجب أن يفقد الجودة!!..

 

موسم بعد آخر.. وبطولة بعد أخرى تمر وسط الكثير من التقصير بحق الجماهير الحاضرة في المدرجات.. تعددت أشكال التقصير وبقيت الصورة الذهنية السيئة في عقول كل من كانت له تجربة فاشلة أثناء حضوره إلى المدرجات..

 

ولك أن تتخيل أن وطناً يسابق الزمن في تحقيق رؤية 2030 تفتقر ملاعبه لأبسط مقومات الاستضافة وتحقيق الحد الأدنى من خدمات الجماهير.. لك أن تتخيل مثلاً أنه في مباراة افتتاحية في الدوري، يعجز المشجع أن يجد مصدراً لمياه الشرب.. يحصل هذا الأمر في منشأة تعد من أفضل المنشآت الرياضية في الشرق الأوسط.. وفي شهر أغسطس الحار.. والحار جداً!!..

 

لم يكن ما سبق سوى مثال على سوء الخدمات المقدمة للجماهير.. والأمثلة كثيرة ابتداء من آلية شراء التذاكر وحجز المقاعد، مروراً بمواقف السيارات وطريق الوصول للمدرج.. ناهيك عن تفاوت تطبيق الأنظمة بين ملعب وآخر.. وانتهاء بسوء الخدمات المتوفرة داخل المنشأة.. وعلى الرغم من كل هذا التقصير، إلا أن سعر التذكرة لم يراع ذلك، بل ظل كما هو وأكثر..!..

 

قبل نهاية الموسم الماضي بجولات قليلة، استمعت إلى تصريح إذاعي لأحد مسؤولي رابطة دوري المحترفين، وقد كان يتحدث عن مبادرة قدمتها الرابطة للملاعب، وهي السماح لعربات الأكل "Food Truck" بالوجود بأحد الملاعب أثناء سير إحدى المباريات.. كان يتحدث عن تلك الخطوة بنشوة وزهو وكأنه قدم للملاعب السعودية ما لم تشهده ملاعب العالم قاطبة.. واتضح في نهاية اللقاء أنها كانت لمرة واحدة و"سيفكرون" في تكراراها..!..

 

لم يدرك ذلك المسؤول أن تلك الخطوة لا تعدو كونها امتثالاً لتوجه عام يشهده المجتمع ويلقى حضوراً ورواجاً في مختلف الأحداث والأنشطة الوطنية.. وربما ستكون حلاً ثلاثي الأبعاد في حال تم اعتمادها وتنفيذها في كافة الملاعب وبلا استثناء.. ولا داعي حينها أن نقدم الموضوع وكأنه اكتشاف لعلاج ثقب الأوزون.. فهذا أبسط ما ينتظره المجتمع الرياضي..!..

 

أدرك يقيناً أن طرح مثل هذا الموضوع النقدي سيقابله تحرك سريع.. ليس في اتجاه إصلاح الخلل بقدر ما هو تحرك نحو التخلص من تهمة التقصير ورميها من جهة لأخرى..!..

 

ولن يهمني كمتابع أن أبحث عن المتسبب.. فذلك شأن مختص بالجهات المسؤولة وهي من ستحاسب المقصر.. لكني سأقف منتظراً للحل.. إلا إذا كان أصحاب الشأن يرون أن وجبة الدوري يمكن تقديمها بدون ملح..!..

 

فكروا في الأمر.. مهنياً واجتماعياً فكرياً، وستجدون أنكم تفرطون في كنز عظيم ينافسكم عليه أحد..!..

 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..