|


فهد علي
صوت المبتعث من داخل الإعصار
2017-09-13

 

 

يقول الشاعر السعودي "محمد الثبيتي" ـ رحمه الله ـ: "الرياح مواتية للسفر.. والمدى غربة ومطر"، هذا الشعر المُحمّل باندفاعات حسّية، والذي لا يقوله سوى محمد، تحقق بصورة مهتاجة ومضاعفة في ولاية فلوريدا، غزارة الماء المحتمل هطولها وتوقعات سرعة الرياح التي تنبئ عن أنها سترقص بشكل هستيري، حتّمت وجوب السفر هربًا من الإعصار. 

 

بعدما أعلن حاكم الولاية طالبًا إخلاء الولاية، حمل المبتعثون السعوديون أمتعتهم المهمة وعتاباتهم الحانقة تجاه القنصلية السعودية في هيوستن، ثم رحلوا إلى مناطق آمنة خارج الولاية. ويرجّح الموقف الحالي أن هنالك أيضًا إعصارًا قديمًا يهز السفارة والقنصليات السعودية الثلاثة في أمريكا بشكل متّصل منذ أعوام طويلة، تحديدًا بعد الزحف المكثّف من الشباب والشابات في بلادنا إلى بلاد العم سام، طارقين باب "برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث"، الذي انفتح بابه بسخاء أمام وجوهنا، 

 

وانفتحت أيضًا أبواب عمل لا تهدأ للقنصلية والسفارة، لا أبرر للقنصلية تقصيرها، لكن من الإنصاف أن نلمس لها العذر. آملين زيادة كفاءتها حتى تستوعب حشودنا بيسر، وأن مثلما تم تبني مشروع السعودة، سعودة التموينات التجارية ومحلات الاتصال في داخل البلد، أرجو أيضاً في الخارج أن يتم سعودة القنصليات والموظفين في برنامج الابتعاث بأمريكا، مقدّرين كل الجهود الفارطة للعاملين غير السعوديين. 

 

شاهدنا قبيل الإعصار الكثير من الطلاب رافعين أصوات احتجاجاتهم مطالبين بتعويضات، ويحسب مشكورًا للأمير "خالد بن سلمان" ـ سفير المملكة في أمريكا ـ إيعازه للملحقية الثقافية في إدراج المخصصات الشهرية قبل موعدها بأكثر من أسبوع عن موعدها المستحق، ليسد العجز المادي المتوقّع للطلاب بعد تكاليف سفرهم. 

 

أعتقد رغم أن لدينا حقوقًا جماعية نستحقها، إلا أنني آمل أحياناً ألا ننال عليها بسبب مطالبنا المُختلة، صرنا نتمتع بشخصيات شكّائية، نثرثر دون تحديد نوعية المطالب مع انتفاء الحديث بلغة عقلانية، إذ إن التعويضات تأتي بعد الخسائر التي تطالنا، وليس قبلها كما تطلّع بعضهم، ولأنه الآن رحل الإعصار عن وجه الولاية بدا الوقت مناسبًا مع عودتهم لمساكنهم، المطالبة من الملحقية الثقافية تعويض طلاب ولاية فلوريدا، ومثلما أشرت نحو سذاجة المطالبات فإني أطالب أيضاً تعويض طالب يدعى "فهد بن علي"، وذلك لتضامنه القلبي مع الرفاق في الولاية الأخرى.

 

أخيرًا لدي من الموضوعات نحو برنامج الابتعاث ما لا يجعلني أقول "أخيرًا"، لكني أُقطّب حاجبي مستغربًا من هذا التقصير الإعلامي حول برنامج حضاري يضم نسبة ضخمة من شباب وشابات المملكة، حيث يكاد لا يخلو منزل في السعودية من مبتعث، في ظل أن أقصى ما يفعله الشاب المبتعث عمل فيديو لطريقة إعداد الكبسة في أمريكا، فيما الإعلامي السعودي يحسب دوره ينتهي عند إعادة تغريدة "فيديو لإنجاز مبتعث"، 

 

ذلك بدلاً من أن يتم تحويل الابتعاث إلى قضية مهمة وأساسية نناقش تفاصيلها وعيوبها ومزاياها، لكن العزاء في أمثالي، حيث أرغمتني أمانتي العقلية ـ حفظني الله ـ تجنّب بقية الموضوعات والإشارة إلى هذا الإعصار، سعيدًا بسلامة سكّان ولاية فلوريدا الموقرة بما فيهم أبناء جلدتي.