|


أحمد الفهيد
احموا "العقود".. ليطمئن الشريك!
2017-09-26

 

 

‏سمعت لسعد بن صليب العتيبي "وهو رجل لَبِق الكلام، عَبِقٌ السلام، ودود الروح، سخي الابتسام"، حديثًا تلفزيونيًا مهمًا، كان خلاله ذكياً في انتقاء عباراته، وماهراً جداً في الذهاب إلى معانيها مباشرة.

 

قال رجل الاستثمار العبقري، ردًا على سؤال القناة "الإخبارية" السعودية، الذي كان ينبش أسباب غياب رجال الأعمال، والشركات، عن دعم المنتخب السعودي لكرة القدم، "أن الدعم موجود، لكن لا أحد ينتبه له"، إجابته كانت بالنسبة لي مثل وكزة خفيفة بأطراف الأصابع على الرأس، وكأنها تقول لي: "انتبه"!.

 

لم يقل العتيبي إن "الدعم موجود لكن لا أحد يراه"، وإنما قال "لا أحد ينتبه له"، وبينهما فرق شاسع، يشبه الفرق بين عقود الشركات "وعددها عشرٌ حتى الآن" التي وقعت اتفاقيات لرعاية المنتخب السعودي الأول لكرة القدم 2017، وعقد رعاية نادٍ واحد، إذ لم تبلغ قيمتها مجتمعة ما يعادل قيمة رعاية نادٍ مثل الهلال، أو الأهلي، فما الذي كان يقصده العتيبي بكلامه، ومن الذي كان يقصده؟!.

 

استكمالًا لإجابته قال: "كل دعم تقدمه الشركات للأندية في هيئة عقود رعاية، أو يدفعه رجال الأعمال من أرصدتهم مالًا غير مسترد، هو في مضمونه - وإن لم يكن في شكله - دعم للمنتخبات السعودية كلها، المال يُصرف في الأندية على اللعبة وعلى اللاعبين، واللاعبون هم أعضاء هذا المنتخب، إذًا هي سلسلة متصلة من التهيئة والإعداد والتدريب طرفها في النادي وطرفها الآخر في المنتخب".

 

الحقيقة إنه كلام "جديد" وجدير بالانتباه، والمناقشة، لأنه يفتح بابًا آخر لفهم "عقود الرعاية".. ما الذي تريده من الأندية، وما الذي تريده من المنتخب؟!.. وما الذي يريده الاثنان منها؟!.

 

هل عقد واحد بمئة مليون ريال سنويًا يساوي فعلًا في قيمته التسويقية، والترويجية عشرة عقود رعاية كل واحد منها دُفع ثمن له عشرة ملايين ريال عن كل سنة؟!..

 

أيهما أجدى في العلاقة التعاقدية وأكثر مردودًا على طرفي التعاقد، "القلة" وافرة الاهتمام والمزايا، والقابلة لتوطيد الشراكة؟!.. أم "الكثرة" التي تفتت العناية الخاصة، وتحيل المنتج قطعاً شائعة لكنها ليست ثمنية؟!.

 

في كل عقود الرعاية الغاية واحدة، الاستفادة من اسم الشريك، في التسويق للمُنتَج الراعي، من خلال تحويل مواقع حضوره إلى منصات دعاية وإعلان، وهذه مسألة "حلال"، يقوم هذا النوع من العلاقات على أساسها.. الذي ليس حلالًا أن نتوقع أن تكون رعاية المنتخبات خالية من كل صبغة تجارية، وأن تكون دوافعها وطنية بحتة!.

 

والذي يجب أن يعمل عليه اتحاد اللعبة والأندية الخارجة من تحت عباءته بإتقان، هو تطوير بيئة الاستثمار، وحماية عقودها من نزوات التغيير، ومن ثغرات القانون المُرتبك المُربك لكل من يريد أن يدلي بدلوه تجاريًا في هذه البئر العذبة.

 

إذا أُنجزت هذه المهمة، سيكون قلب التاجر مطمئنًا على أن منتجه لن يُسحق ويمحق فجأة، وسيكون قلب الشريك آمنا على أن خزينته لن تكون خاوية من رواتب لاعبيه.