|


مسلي آل معمر
مع قيادة المرأة.. كلنا نضحك
2017-09-29

 

 

 

كان قرارًا يثلج الصدر، ليس في فائدته على المجتمع والاقتصاد فحسب، بل كان جميلا أيضًا حتى في إشاعة روح النكتة بين الناس، بعضهم يعتقد أن هذا القرار سيثير الرأي العام باتجاهات سلبية، وأن ردود الفعل ستكون غير متوقعة، لكن العكس حدث تمامًا؛ فالغالبية كما تابعنا في وسائل التواصل، أو حتى في المجالس، استقبل القرار بالسعادة، وراح الكل يتبادل "النكت" حول دخول العنصر النسائي إلى عالم قيادة السيارات، لا داعي للإشارة إلى"الذب والتعليق"؛ لأن الجميع تناقلها، وهي تعبر حسب تحليلي الشخصي عن حالة السعادة لدى المجتمع، الذي عانى كله وليس نصفه من حرمان المرأة من حق مشروع وهو القيادة، رغم أن لا دين يمنع ولا قانون يحظر ذلك حسب اللائحة التنفيذية للمرور، وحسب القرآن والسنة وفتاوى كبار العلماء.

 

الأب والأم الموظفان يعانيان، المطلقات والأرامل يعانين، كل هؤلاء والمحتاجون أمثالهم تحت رحمة سائق آسيوي، لا يعرفون تاريخه ولا لغته ولا أمانته، يدفعون له الراتب الشهري والسكن والإعاشة، أعرف أسرًا كثيرة رفضت عروضًا وظيفية لبناتهم بسبب عوائق النقل وتكلفته، فكم عائلة ستوفر راتب السائق، وكم امرأة ستعمل في نقل الموظفات والطالبات، دون أدنى شك أن هذا القرار سيؤثر إيجابًا على الاقتصاد وسوق العمل ونسبة البطالة في نصف المجتمع.

 

حتى على المستوى الشخصي، كانت ردود الفعل إيجابية بشكل كبير، وصلتني تهان كثيرة من زملاء عمل ودراسة، يهنئون بهذا التحول، أحدهم قال: زوجتي تقول ابحث لي عن وظيفة في السعودية، بعد أن اعتذر عن عروض وظيفية في وقت سابق بسببها.

 

 من خلال تجربة عملية، أؤكد أننا في هذا البلد ذي القوة الاقتصادية والإستراتيجية، قد خسرنا فرصًا استثمارية مع شركات عالمية بسبب بعض القيود الاجتماعية، ومنها عدم قيادة المرأة للسيارة، حيث يفضلون أن تكون مقارهم الإقليمية في دول خليجية رغم أن مصالحهم الكبرى موجودة في بلادنا. 

 

اللافت في الأمر، هو أن كثيرين أطلقوا الإنسان الواقعي في داخلهم بعد أن كانوا متوجسين في أوقات سابقة من منفعة القرار، لقد تحول ترددهم إلى واقع كله ترحيب وسعادة، ومثل هؤلاء كانوا يعترضون على تعليم البنات والبث الفضائي والجوالات، وبعد أن تحولت كل هذه الوسائل إلى واقع، أصبحت بناتهم يتبوأون مواقع قيادية، كما أصبح الواحد منهم ـ هؤلاء المعترضين ـ لا يرتاح إلا ويمناه تمسك بالجوال ويسراه تلامس أزرار الريموت!.