أشدت كثيرًا بالقرارات التاريخية التي اتخذها معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة مؤخرًا، ومن بينها قرار إلغاء لجنة التوثيق ونتائجها، والذي تضمن أيضًا ترك أمر توثيق البطولات للأندية، على اعتبار أنها الأدرى والأحرص على مكتسباتها التي لم تتحقق من فراغ، وإنما كانت نتاج جهد وعمل وإنفاق، وعليه لا يمكن أن نصادر منجزاتها، وإن صغرت، بجرة قلم، أو من خلف مكتب، وهي التي تحققت في الميادين.
ولكن البيان الذي صدر عن اتحاد الكرة في هذا الشأن، أعاد القضية إلى المربع الأول، فربط المنجز بتاريخ تأسيس اتحاد الكرة أمر غير مبرَّر، ويسلب الأندية التي سبقت هذا التأريخ حقوقها دون ذنب اقترفته، سوى أنها تأسست قبل تأسيس اتحاد الكرة، وأشير هنا إلى أن الإذاعة مثلًا تأسست في عام 1368هـ، بينما تأسست وزارة الإعلام في عام 1382هـ، فهل يعني ذلك أن نلغي تاريخ الإذاعة الذي سبق تأسيس وزارة الإعلام؟ ذلك من ناحية، ومن الأخرى، فإن رفض البطولات الودية والصيفية وبطولات الصداقة والبطولات التنشيطية فيه اجحاف لحق الأندية، فهذه البطولات أيضًا تطلبت كل ما تطلبته البطولات الأخرى من جهد وعرق وإنفاق، بل إن بعضها اعتمد رسميًّا من وزير العمل، عندما كان هو المسؤول الأول عن الرياضة في السبعينيات الهجرية، بالإضافة إلى أن بطولة الصداقة معترف بها من الاتحاد الدولي، فكيف يمكن أن نرفضها؟ وإن كنا نتفق على أنها أقل مكانة، فبطولة كأس الاتحاد مثلًا، لا يمكن أن تتساوى مع بطولة كأس آسيا؛ إذ لا بد أن تكون هناك معايير لحفظ كل بطولات الأندية، مع إعطاء قيمة أكبر للبطولات الأكبر، وذلك ما دفعني إلى ابتكار فكرة إعطاء قيمة للبطولات، والمستنبطة من نظام تصنيف المنتخبات المعمول به في الفيفا، والذي تحدثت عنه بالتفصيل في مؤلَّفي "بطولات الأندية وانعكاساتها على الخصخصة"، على اعتبار أن الإنجازات وحجمها، ترفع من قيمة النادي عند اعتماد خصخصته، وفوق ذلك كله، فإن البيان اختتم بمنح الصلاحيات كافة للجنة، مكونة من اتحاد الكرة ومن الهيئة؛ لإقصاء ومصادرة البطولات التي لا تروق لها، ولا نعلم من هم وما هي خبراتهم ليخولوا بمثل هذا القرار المصيري الذي يخص الأندية أولًا وأخيرًا.
وبلا شك نتفق على أن البطولات يجب أن تكون مستقلة وليست مرحلية، وهذه نقطة جوهرية، فبطولتَي الدوري والكأس كانتا في السابق تقامان بنظام المناطق، ثم تكون هناك تصفية بين أبطال المناطق الثلاثة، فأحيانًا يلعب الشرقية مع الوسطى، وأحيانًا كان يُستعان ببطل الدرجة الثانية بديلًا؛ لعدم وجود منطقة رابعة، عمومًا كل ذلك لا يعني أنها بطولات، وإنما هي مراحل لبطولات كبرى، وبالتالي لا يمكن أن تعتمد بوصفها بطولات منفصلة، أيضًا يجب أن تكون على مستوى الفريق الأول.
وأختم بالقول بأن القرار الذي صدر عن اتحاد الكرة هو عبارة عن قرار فيه التفاف على قرار رئيس الهيئة الذي أعطى بحكمة كل الصلاحيات للأندية، وإذ باتحاد الكرة يحاول الالتفاف على هذا القرار من خلال خطوات من شأنها أن تعيد قضية التوثيق الى المربع الأول.