|


فهد الروقي
“أهل النوايا”
2017-10-05

 

 

في الصحيحين وهما أصدق الكتب بعد كتاب الله البداية بحديث "النيّة" وذلك تقديراً لأهميتها وعظم شأنها وأنها "الأصل" في كل شيء وهي عمل "قلبي" تظهر على الجوارح على هيئة أفعال أو أقوال أو تضمر فتقتل صاحبها قبل أن تضر المعني كالحسد.

 

منذ سنوات وكثير من عقلاء الساحة الرياضية يشيرون إلى انعدام "النية الحسنة" وأن الغالبية يقرؤون الأحداث ويفسرونها بناء على "نية سيئة" ولم اكترث لهذا النسق كثيراً وقد أكون ممن وقعوا في هذا المحذور المحظور وليس في مخيلتي حادثة معينة حالياً استشهد بها وأدين بها نفسي وقليل هي لحظات الصفاء في زمننا هذا التي يحاسب فيها المرء نفسه عدا كون الحساب علناً وفي ساحة تقدم "النية السيئة".

 

ومنذ أشهر ليست بالقليلة بدأت الساحة خاصة على مستوى الإعلام في تغيير المسار والعودة إلى جادة الصواب استشعاراً لأهمية المرحلة من منظورين وقد تكون هناك قناعات شخصية لكل شخص على حدة ويأتي المنظور الأول "وطنياً صرفاً" تماشياً مع الأزمة الحالية التي صادفت بدءها في لحظات سكون رياضي فهب الإعلام الرياضي تحديداً على قلب رجل واحد للذود عن حمى الوطن وتحولت الأطروحات في غالبها إلى هذا الشأن وكان تفاعل الجماهير الرياضية مع هذه الوثبة تعاملاً مثالياً إذ باركت الخطوات ودعمت التوجهات دون نظر إلى الميول التي يحاول أعداء الوطن تذكيتها وإشعال فتيلها لكن "الشاب السعودي" ظهر يقظاً متفطناً فلم تنطل عليه هذه الخدع ولم يقدم ميوله الكروي على وطنه.

 

بعد عودة الركض الكروي في مستهل موسم جديد كانت البداية "مسكاً" بتأهل المنتخب إلى المونديال فجاءت "فرحة وطن" كمنظور ثانٍ مهم جداً ساهم أو ساهمت في وأد الخلافات السابقة وحينما بدأت المنافسات الكروية المحلية "صعب" على الإعلامي الذي وجد الدعم والتقدير من جلّ الجماهير وهي التي كانت تصنفه حسب ميوله أن يعود مرة أخرى للمناكفات السابقة ووجدها فرصة سانحة لبناء جسر تواصل ومحبة مع مختلف أنسجة الألوان حتى وإن كان ميوله قد شغفه حباً وبدلاً من أن تبارك مثل هذه ويثنى عليها وعلى أصحابها ظهرت "نوايا خبيثة" فسرت هذه التغييرات على أنها "تطبيل" وما بين الظفرين تعني "المدح مقابل الدفع" وعلى الرغم من خطورة ما فيها من قدح في الذمم إلا أن أصحابها لا يتورعون في البوح بها وكأنها من المسلمات التي لا تقبل الجدل أو أنها نتيجة "إجبار" ولا أعلم هل نحن في زمن رجعي ممكن أن تجبر عقولاً وأقلاماً شتى على قول واحد وأي قوة خارقة تلك التي تمتلك هذا الجبروت لتطبقه على أرض الواقع.

 

ولنفترض جدلاً أن هذه التغييرات نتيجة "التطبيل" أو "الإجبار" ثم نسأل أنفسنا أليس هذا هو النهج الذي نريده؟ فلماذا لا نعززه ونباركه بدلاً من البحث عن أسبابه ولماذا لم نضع النية الطيبة بأنه نتيجة عن اقتناع واستشعار لخطورة المرحلة؟ 

 

الهاء الرابعة 

 

قال تعالى:

 

"وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ".