|


هيا الغامدي
التجنيس.. التوطين و"مفهوم القطعة الناقصة"!
2017-10-06

 

 

 

 

ما من شك، بأن قرار هيئة الرياضة السعودية فتح المجال لمواليد السعودية اللعب مع المنتخب السعودي، قرار مهم وحيوي، بعد أن دأبت المواهب الشابة التي لا تحمل الجنسية السعودية للهجرة بحثًا عن مستقبل كروي أفضل لإكمال مشوارهم الرياضي بالدول التي احتضنت تلك المواهب، وفتحت لها أبوابها ووضعت إطارًا شرعيًّا لها من خلال التجنيس!.

 

فمواليد السعودية البارعون تتخطفهم الدول الخليجية بكل سهولة وترقب وبشكل لافت؛ للاستفادة من مهاراتهم، ورأينا عددًا منهم يقود منتخبات خليجية بعينها! أحمد عجب بالكويت، عمر عبد الرحمن بالإمارات... وغيرهم؛ ولذلك أصبحت فكرة مشاركة المواليد غير السعوديين من أهم الخطوات التطويرية للرياضة السعودية، ومن أوائل القرارات المهمة/التاريخية لرسم مسار جديد للكرة السعودية!.

 

رغم أن التجنيس كفكرة سبق أن حضر بكامل محيطه لكرتنا السعودية، بتجنيس اللاعب السنغالي الأصل، الذي ولد وترعرع في مصر "أمين دابو"، ثعلب الكرة الذي شارك مع المنتخب السعودي وبزغ نجمه معها؛ فقال عنه أسطورة الكرة "مارادونا" إن مكانه بالدوري الإيطالي؛ لما يملكه من مهارات عالية!.

 

عالميًّا، ظاهرة التجنيس اجتاحت العالم، وأصبحت تقليعة مستمرة في كرة القدم، ولعل أهم وأكبر الأمثلة العالمية "زين الدين زيدان" صاحب الأصول الجزائرية، الذي أصبح بعد ذلك أيقونة الكرة الفرنسية، و"بن زيمة" الجزائري الأصل الذي ولد وتربى في فرنسا ومثل منتخبها، وعمومًا المنتخب الفرنسي من أكبر وأهم الأمثلة العالمية للاستفادة من اللاعبين، الذين ولدوا على أراضيهم وتربوا عليها!.

 

" كامورانيزي" مع المنتخب الإيطالي من أصول أرجنتينية، لعب لإيطاليا بسبب جده ليفوز معها بكأس العالم 2006! "دييجو كوستا" البرازيلي الأصل الذي حصل على الجنسية الإسبانية بشكل طبيعي/ قانوني؛ لأنه مقيم على أراضيها ومثل منتخبها!

خليجيًّا، التجنيس فشل على الأغلب بضم من يضيف لتلك الدول التي فتحت المجال لإكمال شواغر مفهوم "القطعة الناقصة"، كقطر على الأكثر والبحرين والإمارات، وإن استفادت بشكل محدود "فعموري" حالة استثنائية!.

 

أتساءل: ماذا استفاد المنتخب العنابي من مجنسيه؟! فالتجنيس هناك يتم بصورة أقرب للعشوائية، بالذات مع لاعب مقلب كالأوروجوياني سبيتيان سوريا والأفارقة الباقين!!.

 

التجنيس في أوروبا أقرب للتكامل منه بالدول الخليجية؛ فهم يجنسون بشكل كامل ومتكامل ونهائي، والتجنيس هناك يعتمد على توطين الموهبة، لا استقدامها "كعمالة وافدة" للقيام بغرض معين كلعب كرة القدم وحسب! بدليل أن غالبيتهم لا يجيد اللغة العربية في قطر، وتسببوا بخسائر فادحة فنيًّا لهذا المنتخب!.

 

لا بد أن نعي أن التجنيس يختلف عن التوطين، ومن هنا أشيد بعدم تجنيس السوري "عمر السومة" ليمثل المنتخب السعودي؛ فاللاعب مقارب للثلاثين وليس من مواليد البلد، وأشيد بقرار الهيئة منح جواز السفر السعودي للاعب "الصومالي" الأصل من مواليد السعودية "مختار علي"؛ فهو لاعب صغير السن وموهبة، عاش في أوروبا واستفاد من تجربة اللعب مع الفرق السنية العالمية التي لعب لها تشيلسي وفيتسيه آرنهم الهولندي، واكتسب حب الوطن والثقافة والعادات المحلية كمواطن! 

 

أنا مع قرار الهيئة منح الجواز السعودي لمواليد السعودية، بشرط "تقنين" المسألة؛ فلا يمنح الجواز "لكل من هب ودب"، بل للمواهب الخارقة كرويًّا، وللنجوم غير العادية لتغطية خانات فراغ "القطع الناقصة" في منتخبنا، عندها يصبح التجنيس عملاً مشروعًا، بل واجب!.