|


فهد عافت
الكُتُب عُزْوَة!
2017-10-10

 

 

 

قبل أمس، وصلت دفعة كتب جديدة، فأعدتُ ترتيب مكتبتي، قبل ذلك صوّرت الكتب ونشرت الصورة، بدا عدد الكتب الجديدة كثيراً، فتكرر السؤال: هل تقرأ كل هذا؟!. هذه المقالة للجواب عن هذا السؤال،

ـ  والجواب: لا!.

 

ـ ليس بالضرورة أن يقرأ القارئ كل كتب مكتبته، وهو في الغالب لن يفعل، وهذا هو الطبيعي في ما أظن!.

 

ـ الكتب بالنسبة لعاشقها ذخيرة وسند، وهي "عزْوَة" بالمعنى الحرفي للكلمة، قبل أن يسحبها المَجَاز لتهويماته فتنسحب!.

 

ـ هناك كتب للقراءة اليومية، ما أن تطوي الغلاف الأخير لكتاب حتى تبدأ بفتح الغلاف الأول لكتاب!. تسهل معرفة عناوين عشرين كتاباً من هذه النوعية بنظرة صباحيّة أولى عابرة، لكن هذا الإبقاء على حالة الشغف ذاتها مسألة صعبة، وذات تقلّبات، فقد تدخل عناوين كتب جديدة، بمجرد نظرة صباحيّة عابرة في اليوم التالي، وبعد الانتهاء من كتاب ما، قد تغيّر رأيك في الكتاب الآخر المُعدّ للقراءة، فتؤجّله قليلاً، وتقدّم عليه كتاباً آخر!.

 

ـ هناك كتب ليست للقراءة!، أقصد: ليست مصنوعة للانفراد فيها، والعزلة إلا معها!، كتب حُبِّرتْ أصلاً لتكون قريبة منك، ومن بقيّة كتبك اليوميّة، إنْ احتجتَ إليها، قالت أهلاً وسهلاً، وإن طلبتها قالت شبّيْك لبّيْك!، تلك هي كتب القواميس والمراجع والمصطلحات وما دار في هذا الفَلَك!، والموسوعات من هذا الصنف لولا أنّها أكثر جاذبيّةً ومغناطيسيّةً، كثيراً ما تدخلها لقراءة صفحة أو صفحتين بعنوان معيّن ولهدف واضح، ثم لا تنتبه إلا وقد أخَذَتْ نهارك كله، وأبحرت بك في عوالم أخرى!.

 

ـ مع وبين النوعين السابقين من الكتب، يوجد نوع عجيب، أسمّيه كتب الأمان والطمأنينة، ولا أعني بالتسمية نوعية المواضيع في هذا النوع، أعني: هناك كتب لا تدري لماذا هي في مكتبتك، لكن غيابها مزعج ومربك، وحضورها يشعرك بالأمان والطمأنينة وبكثير من الأُنْس ومن الراحة النفسيّة!، يصعب معرفة هذه النوعية من الكتب، لأنها في الأساس تدخل ضمن دائرة كتب القراءة اليومية، وتظل كذلك لكنها لا تُقرأ!، يعرفها القارئ كثير السفر!، لأنه حين يسافر لا ينتقيها لرحلته!، يبقيها مكانها على الرف!، يمكن وصف هذه النوعية بالكتب الاحتياطيّة، مثلها مثل لاعبي دكّة الاحتياط: يدخلون عند إصابة اللاعب الأساسي، أو لتنفيذ دور خاص في مباراة خاصة، أو لكسب الوقت في آخر الدقائق!. الأكيد أنه لا يمكن لمدرّب أو لفريق أن يلعب دون وجود دكّة احتياط!.

 

ـ هناك كتب لا تعرف من أين أتت، ولا لماذا أتت، ولا كيف أتت، ولا تتذكّر كيف ومن أين جئت بها، لكنك ما أن تجدها في مكتبتك حتى تشعر أنها من أصحاب الدار، فلا تطردها، ولا تطلب منها المغادرة: لديّ في مكتبتي عدد من هذه الكتب، وأسمّيها: حشائش الحديقة!، إذْ في كل حديقة حشائش تنبت بمفردها، لا تعرف اسماً لها، ولا تريد منك عناية!.

 

ـ الأنواع كثيرة، والمجال لا يتّسع لحصرها، غير أنه من المؤكد أنّ كثرة الكتب "عزْوَة"، وأن تنوّعها ثراء، وأن تجدّدها سِعَة، وأن الإضافة إليها سعادة، وأن قراءتها حياة!.

 

ـ حين تصير الجدران: رفوفاً، وتمتلئ الرفوف كتباً، لا يعود الإسمنت قادراً على الحَجْب!.