أستأذن الزملاء في قناة فرنسا 24 الإخبارية لأستعير عنوان أحد برامج القناة..
ـ عنوان البرنامج هو "في فلك الممنوع"، تقدمه الزميلة ميسلون نصار وهو برنامج يعنى بقضايا اجتماعية ويطرحها بعمق وجرأة لم نعتدها في عالمنا العربي..
ـ الجرأة في "البرنامج" تتمثل في نوع القضايا وحتى تفاصيلها..
ـ أجدني أربط بين عنوان هذا البرنامج وما يحدث في رياضتنا السعودية خلال الشهرين الماضيين، وتحديداً منذ تولي تركي آل الشيخ مهام إدارة الهيئة العامة للرياضة..
ـ كنا "ومنذ عقود" كإعلام رياضي "نغبط" من بقية الزملاء في المجالات الإعلامية الأخرى، على ما نتحلى به في الإعلام "الرياضي" من سقف عال جدًّا من حرية الرأي..
ـ لكن الحقيقة أننا مهما تمتعنا بحرية الرأي في الإعلام الرياضي، إلا أن هناك خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها..
ـ لا أعلم هل كان هناك بالفعل هذه الخطوط، أم أننا نحن من ابتدعها أو تصورها وصنعها من خيال لا وجود له..
ـ أعتقد أن هذه الخطوط صادرة عن "الرقابة الذاتية" للكاتب أو الناقد..
ـ كنا "وحتى زمن قريب" ننتقد الكثير من جوانب الرياضة السعودية، حتى نصل لسقف عال جدًّا، وإن كان مع تدرج منخفض في حدة، ووضح النقد كلما تسلقنا السلم الهرمي..
ـ بل كان "معظم" الإعلام الرياضي يتفادى التعرض لجوانب الفساد الرياضي على اعتبار أنه من الصعب توجيه التهم دون أدلة أو حتى قرائن..
ـ لم يكن تجنب النقاد لمواضيع الفساد من باب التستر بقدر ما كان خشية أن يكون ـ أي الناقد ـ قد تجاوز الخطوط الحمراء..
ـ ولكن مع حضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتشديده في أكثر من مناسبة، أن لا أحد سينجو من مساءلة "شبهة" الفساد متى دارت حوله، ومنذ قدوم تركي آل الشيخ رئيسًا لمجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، باتت الخطوط أو "الحدود" الحمراء في النقد الرياضي أقل، وارتفع سقف النقد "الإيجابي" كثيرًا..
ـ العمل الجبار والمكثف الذي قام به تركي آل الشيخ على صعيد الإصلاح، ومحاربة الفساد، منح الإعلام الرياضي المزيد من الجرأة والحرية وسقف أعلى للنقد..
ـ بل لا أتردد أن أقول إن الإعلام الرياضي بات اليوم يسبح في "فلك الممنوع"، وأعني النقد القوي الجريء الذي كان ممنوعًا بالأمس، أو شعرنا بأنه ممنوع.. وربما هو غير ذلك..
ـ أحيانًا القرارات أو حتى التصريحات القوية والجريئة من المسؤول الكبير تكون بمثابة رسالة للإعلام، بأن يقوم بدوره ورسالته سواء التوعوية أو النقدية..
ـ المسؤول الكبير يقول للإعلام قوموا بدوركم طالما يصب في مصلحة عامة، ويؤدي إلى تصحيح الأخطاء..
ـ المسؤول الكبير يقول للإعلام "بل حتى للمسؤولين" لا تترددوا في الكشف عن أي سلبيات، أو حتى شكوك تدور حول شبهة فساد..
ـ المسؤول الكبير لا يستطيع أن يعمل وحده، ما لم نتكاتف جميعًا في محاربة الفساد والسعي للإصلاح، حتى لو كان هذا "بالأمس" يعد "في فلك الممنوع"، فإنه "اليوم" بات في "فلك المسموح"، طالما يبتعد عن مصلحة "شخصية"، ويصب في خدمة رياضة الوطن..