|


فهد عافت
..للمطبخ!
2017-11-14

 

 

 

لقيت عتاباً رقيقاً من صديق، لأنني كتبت، أمس، ما ظنّه استهانة بالمجازات البلاغيّة، وأنني قد أدخلت أجمل ما في اللغة في الفساد المُحاصَر وفي وجوب محاربته!. كان ظنّه صحيحًا على أي حال!.

 

ـ الخطاب العربي ، الاحتفالي، بأي مشروع اقتصادي أو تنموي، يضخّم المهرجانيّة بما يفوق المُنجَز والمراد به والمأمول منه وفيه بكثير.

 

ـ آخِر ما تهتم به أمجاد المنبر المتّكئة على آرائك اللغة: الأرقام!.

 

ـ حفلات التدشين العربيّة، بشكلها العام، تضيع أوقاتها بلغة مجازيّة، تطيل الشكر والمديح، وفي كثير من الأحيان، تنسى أو تتجاهل، على ماذا؟!.

 

ـ الخيالات العاطفيّة تُذيب الواقعيّة الرقمية للمشروع!.

 

ـ اليوم، الآن، تغيّرت الأمور، وأظن أنّ الخطاب المساير لها سيتغيّر كذلك، إنْ ظَلّ فقد ضَلّ!، إنْ بقيَ يراوح في مكانه، سيجدنا في مكان آخر، السعوديّة منطلقة بسرعة لا تنتظر متثائباً في أي مكان ومجال!.

 

ـ اليوم، الآن، يُفتتح مصنع، أو يعبّد طريق، أو يُدشّن مشروع، وما مِنْ لغة أخرى للاحتفاظ به غير لغة الأرقام: كم كلّف، تاريخ البدء والانتهاء، كم يوفّر من مال وفُرَص عمل!.

 

 

ـ على الأقل ستكون هذه الحسابات الرقمية في المقدمة، في صدر مجلس الخطاب المنبري، لا بأس بعد ذلك من قصيدة ترحيب وامتنان، وكلمات نثر شاكرة قصيرة!.

 

ـ الأرقام قد تخطئ لكنها لا تكذب!.

 

ـ لصاحبي، المولع بالمجاز وانعطافاته الرشيقة الساحرة، أحكي متذكّراً شخصيّة روائية: بنات يستهويهن اللعب في المطبخ، يتخيّلنَ أو يصنعنَ من السجق بالونات، يشكّلنَ من الباذنجان دُولفينًا، رسوم فنيّة جميلة، لكنهنّ أخيراً، سيَمُتْنَ جوعًا، فيما لو لم يضعن هذه المواد الغذائية في قِدْر الطبخ!.