|


بدر السعيد
من ممرات الكرملين
2017-12-03

 

 

 

 

 

في ليلة من ليالي موسكو.. وفي إحدى قاعات الكرملين تحديداً كانت ليلة من ليالي تلك المستديرة المجنونة التي فاقت متابعتها حدود الوصف.. وتجاوز الاهتمام بها سقف التوقع.

 

في مساء الجمعة الماضي كان العالم يقف مجدداً في منصة الكرة.. ومن أجل الكرة.. ورغبة في رفع اسمه وقيمته عبر الكرة..

 

في ذلك المساء.. اكتظت قاعات الكرملين بالأساطير.. وملأ النجوم جنباته وممراته.. وتوزعت مقاعده على رواد الرياضة والكرة في العالم.. امتزج عبق الماضي وجميل ذكرياته بمتعة الحاضر وذروة تطلعاته.. إنها كرة القدم.

 

في ذلك المساء توقفت إشارات البث عند مراسم القرعة.. وتفرغت محطات الإعلام لمتابعتها.. لم يكن الرياضيون وحدهم قد انشغلوا بذلك بل الكل.. والكل هنا كان في مقدمتهم فلاديمير بوتين بكل ما يحمله هذا الاسم من ثقل نوعي في خارطة السياسة الدولية بعيداً عن اتفاقنا أو اختلافنا مع توجهاته.

 

تحدث بوتين في ذلك المساء لكن هذه المرة لم يكن المتلقون لخطابه من ساسة العالم ونخبة سياسييه وخبرائه العسكريين.. تحدث بوتين للمرة الأولى ليسمعه شباب العالم.. فقراء العالم قبل الأغنياء.. لأنها كرة القدم.

 

اثنان وثلاثون اتحاداً كروياً بذلت كل ما لديها من جهد وعمل وبذل في سبيل أن تكون هناك في المنصة الأكثر جذباً وانجذاباً.

 

ولأننا رقم صحيح في عالم الرياضة ومعادلة كرة القدم فقد كان لنا حضورنا.. كان لنا ممثلونا.. روادنا.. قاماتنا.. فنحن جزء من صناعة الرياضة في ماضيها وحاضرها فقد كنا هناك.. في الكرملين حيث استقرت رحال سادة الكرة وفران مونديال روسيا.

 

بدأت مراسم القرعة.. كان البعض يقف أمام فرضياته.. والبعض الآخر يحاول كبح جماح توقعاته ورغباته.. لم يكن هناك من أحد قد اطمأن لمستقبل التوزيع.. فتاريخ الكرة وجنون نتائجها وتجاربها يلوحان في أفق المتابعين.. وتمر أمامهم سيناريوهات النجاح والإخفاق.. يريدون تكرار مجدٍ قديم والابتعاد عن السقوط في حفرة سابقة.. واقع غريب يعيشه كل مترقب لنتائج القرعة.

 

 ولأنه المونديال.. فإني لست ممن يؤمن بمقولة إن هناك مجموعة سهلة في كأس العالم..! فلا سهل في مجموعات تضم كبار العالم في قاراتهم.. لكني في الوقت ذاته لا ألغي تفاوت درجة الصعوبة بين مجموعة وأخرى وهو معيار الفرق بينها وليس السهولة..! إذ إن الجميع قد بدأ فعلياً بإعداد العدة ليكون في قمة حضوره وعنفوانه وجودة أدائه.

 

ذلك كان هاجس كل من تابع القرعة قبل وأثناء القرعة.. أما ما بعد القرعة فقد امتثل الواقع أمام الكل.. وتحول الترقب إلى حقيقة ماثلة أمام الجميع.. إلا أن أهم ما أسفرت عنه القرعة بالنسبة لنا كسعوديين هو أن الأخضر سيكون في منصة الافتتاح وهي المرة الأولى التي يكون فيها منتخب عربي أحد أطراف عرس الافتتاح وباكورة لقاءات البطولة العالمية الأهم.. كأس العالم.

 

لن أتحدث عن فرصنا الفنية ومستقبل نتائجنا هناك.. فلا يزال في الوقت متسع لذلك.. لكن ذلك المتسع من الوقت بالنسبة إلى كاتب مقال يختلف عنه بالنسبة إلى رجال الرياضة في وطني إذ إنه وقت من ذهب سيسابقون فيه الزمن ليكون الأخضر جاهزاً بعدته وعتاده لخوض تجربة نأمل أن يوفقنا فيها رب العالمين لنسجلها ذكرى لجيل سعودي يود أن يشاهد بلاده في القمة دائماً.

 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن.