|


-
اشرب يلا !
-
2017-12-03

 

 

تبدلت منذ السبت الماضي أحوال تطبيق "واتس آب" الشهير، بعدما أصبح سيئ المزاج، نزق الطبع لدرجة قادت بعض مستخدميه إلى الإعراض عن فتح الرسائل ومقاطع الفيديو مهما بلغت أهميتها. وتعود القصة إلى أن أحد الأشقياء استخدم مقطعاً من أغنية مصرية كخلفية للهدف الذي خسر به الهلال السعودي نهائي دوري أبطال آسيا أمام أوراوا الياباني، ولا يبدو الأمر مزعجاً حتى الآن، غير أن توظيفه في أغلب مقاطع الفيديو أصاب الكثيرين بالحنق، خاصة أن المتعامل مع "واتس آب" أصبح تحت رحمة قذائف "اشرب يلا" المنهمرة من كل حدب وصوب!.

 

هذا النوع من الرسائل يأتي بعناوين لا يمكن تجاهلها، ما يثير الحماسة أو الفضول في أحيان كثيرة للاطلاع على محتوى الفيديو، على نحو "وزارة الإسكان تستورد مليون وحدة سكنية جاهزة من الصين"، "بنك التسليف يسقط ديون المقترضين"، "السعودية تبدأ بتطبيق التجنيد الإلزامي"، "ناصر القصبي يعتذر للسدحان"!.. وغالبا يستمر المقطع 15 ثانية، قبل أن يدخل فجأة اللاعب البرازيلي سيلفا على خلفية أغنية "اشرب يلا"!، وهو مقطع اعتراضي بات الناس لا يستبعدون ظهوره حتى في وسط نشرة الأخبار الرسمية!.

 

هذا المحتوى المتجدد يصنف شعبياً تحت مسمى "طقطقة"، ويبلغ ذروة موسمه خلال شهر نوفمبر من كل عام، ويرى الناشطون في مجال الطقطقة أن إنتاجه يأتي نكاية بأنصار نادي الهلال، وابتهاجاً بعدم وصول هؤلاء المنافسين إلى غايتهم، ويقول أحد الأصدقاء إن هذا لو حدث لناد أمريكي، لقامت شركات الترفيه الكبرى بتحويله إلى مهرجان سنوي لجني ملايين الدولارات من خلال جلب مطربي "البوب" والـ"هارد روك"، وتنظيم الكرنفالات في الشوارع، وستتبعها بالضرورة شركات السياحة بتقديم خصومات هائلة على أسعار التذاكر والغرف الفندقية، وربما دفعت شبكة قنوات "بي إن سبورت" مبالغ من تحت الطاولة للفوز بحقوق بث المهرجان في دول الخليج ومصر!.

 

رؤساء الأندية المنافسة لنادي الهلال يتعاملون بالتأكيد مع مقاطع "اشرب يلا"، على أنها ظاهرة إيجابية تنال من سمعة العلامة التجارية لمنافس كان سيأكل الأخضر واليابس لو تمكن من الفوز باللقب والوصول إلى كأس العالم للأندية، ومهما حاول رئيس نادي النصر مثلاً، أن يعصر كل ما في قلبه من وطنية لتشجيع المنافس التقليدي، إلا أن العائدات المالية والموازنة السنوية ستجعله يوفر الوطنية لأمور أكبر وأهم، خاصة أن فوز الهلال بحسبة تجارية، يعني الحصول على نحو 20 مليون ريال من الاتحاد الآسيوي والدولي، فضلاً عن تهافت الشركات الكبرى على رعاية الهلال بملايين الدولارات، على حساب النصر الذي لن يتمكن من مزاحمة جاره في عقود الرعاية ولا مفاوضة اللاعبين والمدربين!.

 

وربما تختلف الحسابات من رئيس ناد إلى آخر، إذ اختار حمد الصنيع شعار "الوطنية" لمؤازرة الهلال أمام المنافس الياباني، لأن فوز ممثل الوطن أو خسارته، لن يغيرا من حال نادي الاتحاد الذي يتضور جوعاً منذ العهد "المطنوخي"، والحال ينطبق على رئيس نادي الشباب الذي لن يدخل "جيبه" شيء من خسارة الهلال أو فوزه، خاصة أن همه الأكبر إنهاء كابوس عقوبات "فيفا" دون دفع ريال واحد، لو كلفه الأمر استخدام ورقة "فلسطين" المجانية لتجييش الشارع العربي ضد ممارسات الاتحاد الدولي لكرة القدم الهادفة إلى حصار و"تجويع" المدرج الشبابي، بل وتقويض جهود السلام في المنطقة "برمتها"!.

 

خسارة الهلال الآسيوية لا تعني بمجملها الـ"طقطقة"، لأن مصائب قوم عند قوم فوائد، فاللاعب والمدرب والإداري أصبحوا يتعاملون مع كرة القدم على أنها مجال يتطلب التفكير والعمل باحترافية، كذلك تحول المشجع البسيط من عصر الهواية وتشجيع كل الأندية السعودية خارج الحدود، إلى محترف يدرك مصلحة ناديه من فوز أو خسارة أحد المنافسين، وربما هذا يفسر الرفض الشعبي لإقحام المواعظ الدينية والاجتماعية في توجيه المشجعين وتحديد مواقفهم!.