|


فهد علي
الليل
2017-12-05

إن "اليوم" بدوره يتشظى بتكرار أبدي إلى: صباح ومساء، وأنا الواقف طويلاً عند الوصف الإلهي الكاشف على سلوك اليوم بشقّية: (وأغطش ليلها، وأخرج ضحاها)، فالآية القرآنية رغم اختزالها وصف الصباح والمساء بمفردة واحدة لكل منهما، إلا منذ انتباهي لها وحالة من الدهشة التشبيهية أناخت في ذهني دون أي رغبة على الأفول أو التزحزح، تعالى الله بكلماته، فما الليل حقّاً غير انسكاب غزير وما الصباح سوى خروج عسير بعد حلكة المساء. 

 

وبكوني إنساناً مسائياً فمع شقوق عتمة الليل بفعل خيوط الشمس أخرج ببكرة الصباح إلى المقهى، وأتلو بالطريق أبيات محمد الثبيتي: "فما أحلى الصبا خلاً، وما أحل الصباح رفيقاً".

 

ثم أعود مجدداً إلى النوم مستيقظاً مع غياهب المساء حتى أكون حاضراً ومتأهباً من أجل عمل إنساني، يكمن عبر قيامي بمواساة الليل على حمول ترتقي كتفيه، وربما أن الليل يأتي ثقيلاً فاقداً طمأنينته لأن الطمأنة بالأساس استنزفها اليوم كاملاً بسيره في "الصباح". 

 

فإن الليل بلا رشاقة أو خفّة، بثقل النهايات، بعناء التكملة، بالتحمل هكذا يأتِ إلى العالم.

 

وأظن عدم الحديث عن ظاهرة كونية مألوفة مثل ـ الصباح والليل ـ يعد كارثة حقيقية بحق انتباهنا، إذ بسبب شعورنا بأُلفة الأشياء قد نفقد معرفة عمقها والكسل عن النظر إليها، فإني أدعو على سبيل المثال جميع البرامج الإخبارية السياسية عن الكفّ إخبارنا عدد القتلى وعدد الجرحى وآخر الحروب المحتمل اندلاعها، بل أزيد مطالبي أيضاً بضرورة عقد لقاء حواري مع شاعر وروائي يتم طرح أسئلة فيه تتعلق بنفسية الحياة مع "الصباح والمساء" ومدى تأثيرهما على النفس الإنسانية.

 

فقد ضاقت البشرية من بشاعة ما يحدث وسخافة ما يدار عبر الهواتف والتلفاز، وفي الانتهاء احتمائي بآية قرآنية كريمة لا شك أنه حالة داعمة لتقبل فكرتي وسبباً مقنعاً أيضاً لنشر المقالة.